الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول ابن عثيمين فيمن دخل في الصوم ثم أفسده بلا عذر

السؤال

قرأت سؤالا في موقع للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ هذا نصه، السؤال: 131ـ فضيلة الشيخ، ما حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟ الجواب: الفطر في نهار رمضان دون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر، فعليه أن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض، فيلزمه قضاؤه كاملاً، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر الراجح أنه لا يلزمه القضاء، لأنه لن يستفيد منه شيئاً، لأنه لن يقبل منه، فإن القاعدة: أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين، فإنها إذا أخرت عن ذلك اليوم المعين بلا عذر لن تقبل من صاحبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد 152، ولأنه من تعدي حدود الله عز وجل وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {البقرة: 229} ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها أي: فعلها قبل دخول الوقت لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لن تقبل منه إلا أن يكون معذوراً
لكني لم أفهم قصده: بـأما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر الراجح أنه لا يلزمه القضاء، لأنه لن يستفيد منه شيئاً، لأنه لن يقبل منه، فإن القاعدة: أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين، فإنها إذا أخرت عن ذلك اليوم المعين بلا عذر لن تقبل من صاحبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فالفتوى المشار إليه صحيحة النسبة إلى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ وهي موجودة ضمن مجموع فتاواه رحمه الله, ومقصود الشيخ أنه يُفرق بين من ابتدأ الصوم ثم أفطر في أثناء النهار بلا عذر وبين من لم ينو الصوم أصلا, فالأول يلزمه القضاء، لأنه دخل في الصوم ثم أفسده بلا عذر, والثاني لا يقضي في نظر الشيخ، لأنه لم يدخل في الصيام ولم يشرع فيه من الأصل. واستدل الشيخ لرأيه بالحديث المشار إليه، ووجه الشاهد منه عند الشيخ أنه من لم يصم بلا عذر وأراد القضاء فإنه عمل عملا ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقبل منه، ولكن ما ذهب إليه الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ هو خلاف قول الجمهور, وحتى الذين قالوا من العلماء بأن من أفطر بلا عذر لا يقضي لم يفرقوا ـ فيما وقفنا عليه ـ بين من أفطر في أثناء الصيام وبين من لم يصم أصلا، والقول بعدم القضاء لمن تعمد الفطر هو من مفردات مذهب الحنابلة, قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَقْضِي من أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بِلَا عُذْرٍ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ، وقال لَا تَصِحُّ عنه... وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. اهـــ.

وانظر الفتويين رقم: 141153، ورقم: 27591.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني