الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انصراف الخطيب قد يكون خيرا

السؤال

أنا فتاة مسلمة ومتدينة وأخاف الله وعمري 28 سنة، وقصتي: كنت منذ صغري أحب الدراسة وطموحة وأحب أن أحقق أمنياتي وذلك بالتوفيق من الله عز وجل، وكنت ناجحة ومجتهدة في دراستي وأحب الخير كثيرا والتواصل الاجتماعي، ومنذ أن دخلت الجامعة في السنة الأولى كنت أتمنى أن ألتقي بالشريك الذي يشاركني حياتي وكنت أقول بأن الذى سوف يدخل قلبي لأول مرة هو الذي سوف أتزوج منه ولم يتقدم أحد لخطبتي مع أنني جميلة ولا أريد أن أعمل علاقات بدون علم أهلي وجاءت السنة الثانية من الجامعة وفي نصفها الأخير أعجب بي شخص وهو يصغرني بسنة واحدة وهو على خلق ودين ويخاف الله وصارحني بحبه ووعدني بالزواج وكان يحبني كثيرا وكنت أقف معه في الجامعة أمام الناس، وأهلي على علم بأن هذا الشخص يريدني، وفعلت المستحيل على خاطري؟ وأهله أيضا على علم بذلك واستمرت هذه العلاقة بدون خطوبة أربع سنوات، لأنه لم يكمل دراسته، وبعد ذلك تقدم لخطبتي ووافق أهلي وذلك بتوفيق من الله عز وجل واستمرت الخطوبة أربع سنوات وطيلة فترة الخطوبة ونحن نخاف أن تصيبنا العين لأنه ميسور الحال وكذلك أنا ميسورة الحال، والغني الله عز وجل، وكنا في السنة الأولى من الخطوبة نتحدث عبر الهاتف في ساعات متأخرة من الليل ودخل الشيطان بيننا وتكلمنا في كلام محرم بيني وبينه، ومنذ السنة الثانية من الخطوبة ونحن في مشاكل وكان سبب تأخير الخطوبة هو أن ظروفه المادية بدأت بالتدهور وتغير معي كثيرا، واستمرت هذه المشاكل سنتين ولم يتصل بي طيلة فترة السنتين الأخيرتين وأتصل به ولا يرد على مكالماتي ولم أخبر أهلي بهذه المشاكل لأنني أحبه كثيرا وأخاف أن أخسره وصبرت سنتين من العذاب، وفي السنة الرابعة من الخطوبة فاجأني بأنه بعث أهله إلى بيتنا وقال أريد أن أفسخ الخطوبة بدون أي سبب بعد هذه السنين وهذه التضحيات، علما بأن علاقتنا استمرت ثماني سنين والله أحببته حبا حلالا وشريفا وأريد الاستقرار وكان يحبني أكثر والآن نفسيتي متعبة وبعد فسخ الخطوبة ما زلت أحبه وما زلت على أمل أن يرجع لي لم أستطع أن أفكر في أي شخص غيره، ومضى على فسخ خطوبتنا شهران وذهبت إلى السعودية لأداء العمرة ودعوت ربي أن يجمعنا مرة ثانية لا أستطيع نسيانه حتى في صلاتي وفي جميع أوقاتي أفكر فيه حتى بعد مارجعت من العمرة، حيث ذهبت إلى دكتورة تعالج بالقرآن وقالت لي إنك مصابة بالعين أنت وهو والله أعلم، وعندما سأله صديقه ما أسباب فسخ الخطوبة أجابه بأنه لم يعد يطيقني وقال له بأنه كرهني، وأنا مؤمنة بالله وراضية بالابتلاء الذي ابتلاني به وأحمده في كل وقت وملتزمة بدينى وصلاتي وأصوم كل يوم اثنين وخميس وأصلي قيام الليل كل يوم وأقرأ سورة البقرة وسورة يوسف كل يوم ومواظبة على أذكار الصباح والمساء، وما زلت أريده زوجا لي وما زلت أحبه وأحترمه وأدعو الله أن يجمعنا قريبا ـ بإذنه ـ أرجوكم انصحوني ماذا أفعل؟ وكيف تستمر حياتي من غيره؟ وهو الشخص الوحيد الذي أحببت، ساعدوني والله تعبانة، ودائما أحلم به في منامي، وطيلة الفترة الماضية وأنا أحلم بالأحذية، مرة بحذاء ضائع، ومرة بحذاء عال، ومرة أحلم أنه يتصل بي، ادعوا لي أن يحقق ربي أمنياتي ويستجيب لدعائي عاجلا غير آجلا، أنتظر الرد بالجواب الشافي، والشافي الله عز وجل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنود أن نلفت نظرك إلى أن هذا السؤال كان من الأولى توجيهه إلى قسم الاستشارات بموقعنا، فستجدين عندهم بإذن الله كثيرا من التوجيهات النافعة، وما يمكننا قوله هنا هو أن على المسلم أن يرضى بقضاء الله تعالى، فهذا مما يريح القلوب وتسكن به النفوس، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن:11}.

قال قتادة في هذه الآية: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.

فما يدريك ـ أختنا الفاضلة ـ فقد يكون انصراف هذا الرجل عنك خيرا لدينك ودنياك، فسلمي أمرك لله، فهو العالم بعواقب الأمور، قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

وننصحك بأن تجعلي دعاءك لرب العالمين دعاء عاما بأن تسأليه أن يرزقك زوجا صالحا، فقد يقدر لك الزواج من هذا الشاب أو من غيره ففوضي الأمر إليه وأحسني الظن به، وراجعي الفتوى رقم: 119608، ففيها بيان آداب الدعاء.

وأما العشق: فعلاجه ممكن، وقد بينا جملة من طرق علاجه بالفتوى رقم: 9360.

وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تكون على علاقة برجل أجنبي عنها إلا في إطار الزواج الصحيح وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 30003.

وعلم الأهل بهذه العلاقة لا يغير حكم تحريمها، فهي محرمة على كل حال، فالواجب عليك التوبة مما سبق وعدم العود لمثل ذلك مستقبلا، وراجعي شروط التوبة بالفتوى رقم: 5450.

وننبه أيضا إلى أن الخطوبة مجرد مواعدة بين الطرفين يحق لأيهما فسخها متى شاء، والأولى عدم فسخها لغير مسوغ، وخاصة إن طالت فترة الخطبة، هذا مع العلم بأن طول فترة الخطبة يكون سببا في حصول بعض المشاكل في الغالب، وانظري الفتوى رقم: 18857.

وبالنسبة لما ذكرت من الأشياء التي ترينها في نومك فلا علم لنا بتفسيرها.

وأما الإصابة بالعين أو السحر أو نحو ذلك فأمر وارد، ومن غلب على ظنه إصابته بشيء من ذلك فعليه بالرقية الشرعية وهي مبينة بالفتوى رقم: 4310.

ولكن نحذر هنا من كثرة الأوهام والوساوس بخصوص العين والسحر وأمثال ذلك، فإن ذلك قد يكون سببا في مرض القلب والإصابة ببعض الأمراض النفسية، وفي الختام نوصيك بالحرص على شغل وقتك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك ومصاحبة الصالحات ونحو ذلك مما يعين على الاستقامة ويكون فيه تسلية للنفس، وللأهمية نرجو مطالعة الفتاوى التالية أرقامها: 1208، 15219، 21743.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني