السؤال
سؤالي باختصار غريب بعض الشيء, لكنني يجب أن أعرضه للفتوى, هل يجوز القصاص ممن أراد سحري؟
فأنا قد حلمت عدة مرات بأفاعٍ وكلاب ولكن بوجه إنساني لفتاة أعرفها, حتى أتاني الخبر منذ أيام من فتاتين يعرفانها, وهذا العمل له عامان تقريبًا بصورة تكرارية, ولا أعلم لماذا إلى الآن لم تستطع فعل شيء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظك ويعافيك وجميع المسلمين من الشرور كلها.
وإذا كان المقصود بالسؤال أنك تسأل هل يجوز لك أن تقتص ممن عمل لك السحر؟ فننبهك في البداية إلى أنه لا يجوز لك اتهام هذه المرأة بعمل السحر من غير بينة ظاهرة، والرؤيا ليست بينة يستساغ بها سب المسلم ورميه بعمل السحر, فمن المعلوم أن الرؤيا لا ينبني عليها حكم.
قال ابن حجر:... لأن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي ..اهـ من فتح الباري، وكذلك لو كنت تقصد أن الفتاتين المذكورتين أخبرتاك أن تلك المرأة قد عملت لك سحرًا فمثل هذا لا يعتمد عليه بغير بينة, فقد قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}، وإذا ثبت فعلًا أنها سحرتك فلا يجوز لك القصاص منها بعمل السحر لها, فالاعتداء والمكافأة بالمثل في قول الله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194}، وقوله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:126}، مقيد بضابط، وهو أن ما كان محرمًا في ذاته كالسحر والزنا واللواط والخمر والجور في الحكم، والخيانة في الأهل ونحوها لا يحل الاقتصاص فيه بالمثل، فلا يجوز لمن سحره شخص أن يعمل هو سحرًا لذلك الشخص، ولا لمن زنى بامرأة أو لاط برجل أن يفعل به المثل، ولا لمن أكره غيره على شرب الخمر أن يكرهه هو على الشرب، ولا لمن خان شخصًا في أهله أو جار عليه في الحكم أن يخون هو ذلك الشخص أو يجور عليه في الحكم، وهكذا... وذلك لأن المكافأة بالمثل في هذه الحالات تعتبر اعتداء على حقوق الله وحدوده.
وسبق أن بينا حكم السحر وفاعله, وأنه جريمة من أعظم الجرائم, وكبيرة من أكبر الكبائر يستحق صاحبها العقاب في الدنيا والآخرة, وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 1653، 133797، 77374، وما أحيل عليه فيها.
كما بينا كيفية التحصن منه وعلاجه والتخلص منه في الفتاوى التالية أرقامها: 2244 80694 10981.
والله أعلم.