السؤال
تمر عليّ بعض الأيام ولا أقرأ شيئًا من القرآن، فهل يعتبر هذا هجرًا للقرآن؟ ولو قرأت القرآن كل يوم دون أن أمسك كتاب الله - مثل: آية الكرسي, والمعوذات, وآخر سورة البقرة, والمؤمنون, ومثل هذه الآيات للتحصين والأذكار اليومية - فهل أعد من المحرومين؟
وهل الجواب هذا صحيح - للشيخ محمد المختار الشنقيطي -: "هذا يعتبر حرمانًا وأي حرمان! إذا وجدت نفسك تمر عليك الأيام ولم تتل شيئًا من كتاب الله فابك على نفسك، فواللهِ ما حرم عبد طاعة إلا دلَّ ذلك على بعده من الله عز وجل, قال سفيان الثوري - رحمه الله -: "أذنبت ذنبًا فحرمت قيام الليل ستة أشهر", فإذا وجدت أن الأيام تمر عليك وليس لكتاب الله حظ في أيامك وساعات ليلك ونهارك، فابك على نفسك, واسأل الله عز وجل العافية، واطَّرح بين يدي الله عز وجل منيبًا مستغفرًا، فما ذلك إلا بذنب بينك وبين الله، والناس الآن يهجرون كتاب الله، أما السلف فكانوا يرتبطون بكتاب الله، والفرق بين الطائفتين أن الفتن كثرت في هذا الزمان، وما يدريك لعل فتنة في البصر أو في السمع أو الهرج، طفئ نور الإيمان بها في القلب، فلم تعِ كتاب الله, ولم تحبه, ولم تتلُه، فكثرة الذنوب في هذه الأزمنة المتأخرة صرفت قلوب الناس عن الطاعة، وأصبح حظ كثير من الناس من التأثر بكلام الله أقل من حظ الأولين، الذين انتشر فيهم الخير, فنسأل الله العظيم أن يتداركنا وإياكم بلطفه؛ ولذلك من أفضل العلاج، أن نفر من الله إلى الله، وأن يحاول من يريد الخشوع والقربى من القرآن أن يفر عن الفتن، وأن يبتعد عن كل سيئة تبعده عن الله، سواء في سمعه, أو بصره، أو فرجه, أو يده، أو لسانه يبتعد عن ذلك كله.
كان السلف الصالح - رحمهم الله - يتركون فضول الحديث؛ خوفًا من الوقوع فيما لا خير فيه، فكيف بنا وقد وقعنا في الغيبة والنميمة وغير ذلك من الذنوب! فنسأل الله العظيم أن يتداركنا برحمته، والله تعالى أعلم"؟