الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توضيحات لبعض أمور الطهارة الخاصة بالنساء

السؤال

أعاني من نزول إفرازات ‏عديدة، أحيانا تكون بيضاء ‏أو صفراء، أو شفافة. تارة ‏تنزل مني، فترة إفرازات ‏صفراء، وبعدها بيضاء ‏وهكذا. وعلمت مؤخرا أنها ‏نجسة، وتنقض الوضوء. ‏
نزولها غير محدد الوقت ‏أيام تنزل بكثرة، وأيام ‏أخرى تنزل بقلة، لكن لا ‏وقت محدد لها، لذا فأنا ‏أتحفظ بخرقة، وأتوضأ لكل ‏صلاة على حسب فتوى ‏قرأتها، لكن في بعض الأيام ‏التي أكون بالخارج يصعب ‏علي جدا الوضوء لكل ‏صلاة، فأصلي بوضوئي ‏قبل وقت الصلاة، وذلك لأن ‏دوامي مثلا بوقت الظهر ‏وعندي فترة للوضوء ‏والصلاة، ولكن قبل الوقت ‏أتوضأ، وأنتظر الصلاة ‏فأصلى، ومن ثم أكمل ‏دوامي إن توضأت بعد ‏الأذان سيشكل ذلك علي صعوبة ‏وسيأخذ مني وقتا، ويفوتني ‏وقت من المحاضرة، وإن ‏أجلت الصلاة لبعد ذلك فإما ‏أني قدأصليها متأخرا جدا ‏أو قد تفوتني. فهل علي إثم ‏بما أفعل ؟
وهل يجب علي تغيير ‏الخرقة لكل صلاة ؟ من ‏الممكن أن أفعل ذلك بالبيت رغم ‏مشقة قليلة فيه، لكن ‏بالخارج صعب للغاية.‏
شيء آخر: غالبا أشعر ‏بنزول قطرات من البول ‏بثيابي، لكن الحمد لله لست ‏مصابة بالسلس هو مجرد ‏شعور بنزول قطرات، ‏أحيانا إذا تفقدت الثوب أجد ‏بللا يسيرا جدا، لكن لا لون ‏ولا رائحة له، وأحيانا أجد ‏رائحة بول فأتيقن أنه بول، ‏لكن هذا بمرات قليلة. ‏
فلا أدري ما حكم ذلك ؟ ‏بوقت كبير أشعر بذلك ‏ويشق علي التفقد، وأيضا لا ‏أدري هل قطرات البلل ‏عديمة اللون والرائحة هذه ‏تنقض ونجسة أم لا ؟
وهل تأخذ حكم الإفرازات ‏المستمرة أم هذه شيء آخر ‏؟ تمر أيام تكون فترة طويلة ‏من الوقت أشعر بنزولها ‏لكن لست متيقنة هل تنزل ‏أم لا ولا أدري هل ذلك ‏بول أم لا ؟ وأيام أخرى لا. ‏
سؤال آخر: لدي وسوسة ‏شديدة تأتيني في الصلاة، ‏والطهارة، والوضوء، ‏وبشكل كبير جدا، أتجاهلها ‏أحيانا، وأحيانا أخرى ‏أخشى إن تجاهلتها أن تكون ‏حقا وليست وسوسة. فماذا ‏علي فعله ؟
وأيضا قرأت مؤخرا عندكم ‏أن من وجد بللا بعد ‏الاستيقاظ عليه الغسل حتى ‏لو لم يذكر شيئا بمنامه، ‏وهذه أول مرة أعرفها. ‏فلدي عدة استفسارات: هل ‏المني يشبه الماء أم هو ‏إفرازات مثل بقية ‏الإفرازات؟ فأنا لا أستطيع ‏تمييزه رغم قراءتي لصفاته. ‏
وأيضا الإفرازات الصفراء ‏التي تنزل علي بشكل ‏طبيعي خلال اليوم هذه لا ‏علاقة لها بالمني ؟
وبالنسبة لما إذا وجدت بللا ‏بعد الاستيقاظ وشككت ‏بخصوص هذا البلل فإني ‏أتخير أحد الأمرين، لكن ‏بحيرة شديدة لأني أخشى أن ‏أفعل ذلك، فأتمادى فلا ‏أغتسل ويكون الاغتسال مفروضا علي، أو أغتسل فأتمادى ‏بوسوستي المفرطة، فلا ‏أدري ما الشيء الذي يحكم ‏هذا الموضوع ؟
أحيانا أجد بعد النوم بللا ‏خفيفا جدا لدرجة أني لو ‏تفحصت مرة أخرى أجد ‏الثوب جافا لا شيء به، ‏ويشتبه علي هل هناك بلل ‏أصلا أم لا؟ وأحيانا أتفقد ‏الثوب فأشعر فيه ببرودة، ‏لكن أحسه جافا لا بلل فيه ‏فتساورني الوساوس، أصاب أصلا بوسوسة هل ‏هو مبتل أم لا؟
بعض ‏المرات التي أجد فيها بللا ‏ولا أرجعها لكونها مني، مرة ‏بسبب النقط التي أشعر ‏أغلب اليوم أنها تنزل، أو ‏بسبب أني لم أجفف بمنديل ‏بعد الاستنجاء، فيكون ثوبي ‏رطبا قليلا.‏
وخلال اليوم إن لم أجفف ‏بعد الاستنجاء يبقى الثوب ‏رطبا لبضع ساعات. فهل ‏عدم اعتباري لذلك منيا ‏خطأ أم لا ؟ ومرة لم أجد ‏بللا لكن وجدت إفرازات ‏صفراء متجبسة فاعتبرتها ‏الإفرازات الطبيعية، وليست ‏منيا. ‏
فهل علي إثم ؟ وما هو ‏الضابط لمسألة التخير حين ‏الشك بحيث لا أبالغ ‏بوسوسة؟ وأيضا لا أضيع ‏الاغتسال لو كان مفترضا ‏علي ؟ وهل المني ماء أم لا ‏؟ وخلال الاستيقاظ ما ‏يجعلني أفرق بينه وبين ‏الإفرازات العادية هي ‏الشهوة أليس كذلك ؟
فالإفرازات الصفراء التي ‏تنزل بشكل طبيعي ليست ‏منيا ؟
وسؤال أخير: أعرف واحدة ‏تستشيرني بهذه الأمور ‏فابحث أنا عن الفتوى ‏بموقعكم، وأبلغها، وهي ‏شخصية موسوسة مثلي، ‏ولكن تفوقني بمراحل، فهي ‏أخبرتني أنها تعيد الصلوات ‏لشكها بالطهارة -ليس دائما ‏ولكن بضع مرات فعلت ‏ذلك - وأيضا إذا صلت ‏سجدة سهو تشك بها وخلافه، ‏حتى إذا جعلتها تقرأ ‏الفتاوى تظل موسوسة.
‏السؤال هو: أني لم أخبرها ‏بأن من يجد بللا بعد ‏الاستيقاظ عليه الغسل، لأني أخشى أن تبالغ ‏بوسوستها لحد جنوني، ‏كونها أكثر مني وسوسة، ‏ولا أعتقد أنها تعرف فأنا ‏من أبلغتها بأحكام ‏الإفرازات وغيره بعد ‏القراءة من موقعكم، فهي ‏كانت جاهلة لكل الأحكام.
‏فهل علي إثم ؟ وماذا علي ‏فعله معها ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس مبلغا، ونحن نجمل جواب سؤالك المتداخل في نقاط يسهل عليك إذا فهمتها أن تعالجي جميع ما يعرض لك ولصاحبتك من مشكلات، شريطة أن تعملي بما ننصحك به وتجاهدي نفسك على تطبيقه.

أولا: أعرضي عن الوساوس جملة ولا تلتفتي إلى شيء منها، واعلمي أنه لا علاج لهذه الوساوس أمثل من الإعراض عنها؛ وانظري الفتوى رقم: 51601.

ثانيا: قد بينا صفة المني والفرق بينه وبين غيره من الإفرازات الخارجة من المرأة في فتاوى كثيرة؛ وانظري الفتوى رقم: 128091. وإذا شككت في الخارج هل هو مني أو غيره، فإنك تتخيرين فتجعلين له حكم ما شئت؛ وانظري الفتوى رقم: 158767.

وإذا عملت بهذا فأنت عاملة بالشرع مطبقة لما يرضي الله تعالى؛ فإن الله تعالى لا يرضيه أن تستسلمي للشيطان وتسترسلي مع الوساوس، فدعي عنك ما يلبس به الشيطان عليك من أنه قد يكون لهذا حقيقة، وقد تكونين مفرطة وغير ذلك من الأوهام التي يفتح بها عليك باب الوسوسة.

ثالثا: رطوبات الفرج طاهرة على الراجح، لكنها ناقضة للوضوء، وإذا كنت مبتلاة بسلس هذه الرطوبات، فلا يلزمك التحفظ منها أصلا، وإنما يلزمك فقط الوضوء لكل صلاة، وإذا شق عليك الوضوء فلا حرج عليك في الأخذ بقول المالكية الذين يرون أن وضوء صاحب السلس لا ينتقض بخروج الوقت، وانظري الفتوى رقم: 110928 ورقم: 75637. وليس عمل الموسوس بالمذهب الأيسر من الترخص المذموم؛ وانظري الفتوى رقم: 181305.

رابعا: الصفرة والكدرة تعد حيضا إذا كانت في زمن الحيض، وأما في غير زمن الحيض فلا تعد حيضا، وهي نجسة يجب التطهر منها؛ وانظري الفتوى رقم: 134502. ولبيان الفرق بينها وبين رطوبات الفرج انظري الفتوى رقم: 167711.

فإذا كان الذي يخرج منك هو رطوبات الفرج، فلا يجب عليك الاستنجاء منها كما مر، وأما إذا كانت صفرة في غير زمن العادة فإنك تتحفظين بشد خرقة على الموضع، وتتوضئين لوقت كل صلاة كما يفعل صاحب السلس، ولا يجب عليك تغيير الخرقة على الراجح، وانظري الفتوى رقم: 178929.

خامسا: إذا شككت في خروج أي شيء منك، فالأصل عدم خروجه، فلا تلتفتي إلى هذا الشك كائنا ما كان، فإن شككت في خروج البول فالأصل أنه لم يخرج، وكذا في الرطوبات والمني وغيرها، فأي شيء شككت في خروجه فالأصل عدم خروجه، ولا تحكمي بخروجه حتى يحصل لك اليقين الجازم الذي تستطيعين أن تحلفي عليه، ولا تفتشي ولا تبحثي لتتحققي مما إذا كان خرج شيء أو لا، بل أعرضي عن الشك واطرحيه عنك، وامضي في عبادتك دون أن تبالي بهذه الأوهام، وانظري الفتوى رقم: 173685 ورقم: 155149.

وفي الختام نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونرشدك إلى التداوي بمراجعة الأطباء الثقات، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني