الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بوله يسيل عند الجلوس بعد قضاء الحاجة فهل يعد صاحب سلس

السؤال

لقد قمت بالاطلاع على فتاوى موقعكم الموقر الخاصة بمرض سلس البول، لكنني أرجو منكم إفتائي في الحالة الخاصة بي, حيث إن سلس البول يأتي معي فقط إذا قمت بالجلوس بعد قضاء الحاجة, فإن قمت بوضع مناديل بعد قضاء الحاجة على أن أزيلها بعد الجلوس وتطهير قطرات البول التي لم تنجس ملابسي, فهل هذا كاف لتيقني أن السلس لن يأتي مجددا إلى حين قضاء الحاجة مرة أخرى؟ وهل يلزمني الوضوء لكل صلاة إذا قمت بذلك؟ وإذا كان علي إبقاء المناديل والوضوء لكل صلاة كما قرأت فإنني لم أفهم هل أتوضأ وأصلي وأنام مع وجود المناديل النجسة؟ وهناك أمر آخر يحدث بعد الاحتلام أو نزول المذي مني، أجد صعوبة كبيرة في تنظيف المجاري البولية من المذي والمني حتى بعد التبول عدة مرات وتأخذ مني وقتا طويلا ومشقة، فهل لي أن أتبول مرة واحدة في الحالات الطبيعية وأتوكل على الله حتى لو نزل شيء بعد الاغتسال أو الوضوء من مذي أو مني؟ وأخيرا: هل تجوز لي الإمامة في الصلاة بشكل عام وبشكل خاص مع والدي الذي يعاني من النسيان بسبب جلطة دماغية في خلايا الذاكرة وتشق عليه الصلاة وحده حيث تحصل معه زيادة في عدد الركعات وأخطاء في صلاته، مع العلم أنه يدرك ويعي ويعشق الصلاة؟ وعذرا على الإطالة مع الشكر الجزيل وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فالذي فهمناه من السؤال أن البول لا يسيل إلا عند جلوسك وفي هذه الحال يخرج ولكن له أمد ينقطع به ولا يستمر خروجه غالب الوقت، فإذا كان هذا هو الواقع فإنك لا تعتبر صاحب سلس وحكمك حكم غير دائم الحدث فإذا توضأت ولم ينتقض وضوؤك بخروج البول أو غيره ودخل وقت الصلاة الأخرى لم يلزمك الوضوء، وأما إمامتك بوالدك: فإذا تقرر أنك لست من أصحاب السلس فإنه لا إشكال في إمامتك بوالدك أو غيره، وقولك: فإن قمت بوضع مناديل بعد قضاء الحاجة على أن أزيلها بعد الجلوس وتطهير قطرات البول التي لم تنجس ملابسي, فهل هذا كاف ـ فهذا كاف بلا شك ما دمت تتيقن أن البول لن يتجدد كما ذكرت، وأما ما ذكرته من تنظيف مجرى البول من المذي والمني فإنك لا تطالب شرعا بتنظيف المجرى وإنما تطالب بتطهير المخرج بعد انقطاع الخارج، وأما ما كان داخل المجرى فلست مطالبا شرعا بتنظيفه، ومن المعلوم أن المجرى لا يخلو غالبا من وجود شيء من البول ونحوه، فإذا تكلفت وأخرجته ربما رشح مكانه غيره وهكذا, وتظن عندها أنه يخرج تلقائيا والحقيقة أنك أنت الذي تخرجه بمحاولة تفتيش رأس الذكر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وَالْبَوْلُ يَخْرُجُ بِطَبْعِهِ، وَإِذَا فَرَغَ انْقَطَعَ بِطَبْعِهِ وَهُوَ كَمَا قِيلَ: كَالضَّرْعِ إنْ تَرَكْته قَرَّ وَإِنْ حَلَبْته دَرَّ، وَكُلَّمَا فَتَحَ الْإِنْسَانُ ذَكَرَهُ فَقَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ، وَقَدْ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ، وَهُوَ وَسْوَاسٌ، وَقَدْ يُحِسُّ مَنْ يَجِدُهُ بَرْدًا لِمُلَاقَاةِ رَأْسِ الذَّكَرِ، فَيَظُنُّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَخْرُجْ، وَالْبَوْلُ يَكُونُ وَاقِفًا مَحْبُوسًا فِي رَأْسِ الْإِحْلِيلِ لَا يَقْطُرُ، فَإِذَا عَصَرَ الذَّكَرَ أَوْ الْفَرْجَ، أَوْ الثُّقْبَ بِحَجَرِ، أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، خَرَجَتْ الرُّطُوبَةُ، فَهَذَا أَيْضًا بِدْعَةٌ، وَذَلِكَ الْبَوْلُ الْوَاقِفُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ لَا بِحَجَرِ، وَلَا أُصْبُعٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ كُلَّمَا أَخْرَجَهُ جَاءَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَرْشَحُ دَائِمًا . اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني