الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من فاتته ركعتا الفجر فمتى يقضيهما

السؤال

أعلم أن صلاة الفجر يتم قضاؤها بعد طلوع الشمس كما قال الرسول صل الله عليه وسلم في الحديث: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس ـ صحح هذا الحديث الألباني، وفي بعض الأوقات أسمع صوت المساجد يصلون الفجر وقد ظهر نور الشمس ولكنها لم تشرق، وشروق الشمس يكون 6:44 ص في مدينتي، فما هو الحكم الشرعي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت السائلة تسأل عن سنة الفجر ـ التي هي ركعتان قبله ـ فإن من لم يصلهما قبل الفجر جاز له أن يصليهما بعده مباشرة ولا ينتظر قضاءهما بعد طلوع الشمس، هذا مذهب بعض أهل العلم كالشافعية والحنابلة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 25849.

وقال بعض أهل العلم يقضيهما بعد طلوع الشمس، والتفصيل في هذه المسألة جاء في المغني لابن قدامة كما يلى: فأما قضاء سنة الفجر بعدها فجائز، إلا أن أحمد اختار أن يقضيهما من الضحى، وقال: إن صلاهما بعد الفجر أجزأ، وأما أنا فأختار ذلك وقال عطاء، وابن جريج، والشافعي: يقضيهما بعدها، لما روي عن قيس بن فهد، قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي ركعتي الفجر بعد صلاة الفجر، فقال: ما هاتان الركعتان يا قيس؟ قلت: يا رسول الله لم أكن صليت ركعتي الفجر فهما هاتان ـ رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، وهذه في معناها، ولأنها صلاة ذات سبب، فأشبهت ركعتي الطواف، وقال أصحاب الرأي: لا يجوز، لعموم النهي، ولما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس ـ رواه الترمذي، وقال: لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن عاصم، قال ابن الجوزي رحمه الله: وهو ثقة، أخرج عنه البخاري، وكان ابن عمر يقضيهما من الضحى، وحديث قيس مرسل، قاله أحمد، والترمذي، لأنه يرويه محمد بن إبراهيم عن قيس، ولم يسمع منه، وروي من طريق يحيى بن سعيد عن جده، وهو مرسل أيضا، ورواه الترمذي، قال: قلت يا رسول الله: إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: فلا إذا، وهذا يحتمل النهي، وإذا كان الأمر هكذا كان تأخيرها إلى وقت الضحى أحسن، لنخرج من الخلاف، ولا نخالف عموم الحديث، وإن فعلها فهو جائز، لأن هذا الخبر لا يقصر عن الدلالة على الجواز، والله أعلم. انتهى.

وبخصوص وقت فريضة الفجر: فيمتد من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 63988.

وما سمعته من أداء بعض المساجد لصلاة الفجر وقد ظهر بعض الضياء قبل شروق الشمس، فهذه الصلاة قد وقعت في وقتها وهي صحيحة ومجزئة وقد يكون التأخير هنا لأجل طول قراءة بعض الأئمة أو نحو ذلك، لكن الأفضل تعجيل الصبح بعد التحقق من طلوع الفجر، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 63988.

وقال بعض أهل العلم بحرمة أداء الفجر في وقت الإسفار، وهو الضياء تتميز فيه الوجوه بالبصر المتوسط في محل لا سقف فيه ولا غطاء، وقال بعضهم بكراهة ذلك، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 58709.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني