السؤال
أنا شاب في ال 17 من عمري، لدي حوالي 7 كفارات صيام لم أقضها، ولكن منذ حوالي سنتين صمت 9 أيام عن ثلاث كفارات، ولم أكن أعلم بأمر الإطعام.
فهل يلزمني إعادتها أم ذلك يجزئ عني ؟ وأنا لا أعلم كيف أطعم وأين أطعم في بلدي، وليس معي المال حالياً.
فهل أصوم مع العلم أن بإمكاني جمع المال ؟ وهل إن نويت الصيام عنها ثم صار معي المال أوقف الصوم وأطعم أم أكمل الصيام ؟
وجزاكم الله عني كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك، أن عليك سبع كفارات يمين، وقد كفرت عن ثلاث منها بالصيام، ولم تكن تعلم عند تكفيرك بالصيام أن الواجب عليك أن تبدأ بواحدة من خصال الكفارة الثلاث: (الإعتاق، والإطعام، والكسوة). وإذا كان هذا هو واقع الأمر، فنقول:
إن الكفارة بالصيام لا تصح إلا لمن عجز عن التكفير بإحدى الخصال الثلاث الوارد في القرآن الكريم التخيير فيها؛ وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة. ومن لم يجد شيئا من هذه الثلاث فهو الذي ينتقل إلى صوم ثلاثة أيام؛ قال الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ.. الآية.
وعلى ذلك، فإن كنت في ذلك الوقت لا قدرة لديك على الإطعام، أو الكسوة، أو الإعتاق، فإن الصوم يجزئك.
وأما إن كنت في ذلك الوقت قادرا على إطعام عشرة مساكين، فإن ما فعلت من الصوم لا يجزئ عن الكفارة، فإذا عجزت الآن عن الإطعام : بقيت الكفارات كلها –الثلاث التي كفرت عنها بالصوم، والتي لم تكفر عنها بشيء- في ذمتك حتى تجد ما تطعم به، ولا يجزئك الصيام؛ لأنك كنت موسرا حين حنثت، هذا عند الشافعية والحنابلة. وذهب الحنفية، والمالكية إلى خلاف ذلك وأن المعتبر هو وقت الأداء، فيجزئك الصيام الآن لعجزك عن الإطعام.
وقال الشافعي -رحمه الله تعالى- في الأم: وإذا حنث الرجل موسرا , ثم أعسر لم يكن له أن يصوم، ولا أرى الصوم يجزي عنه وأمرته احتياطا أن يصوم، فإذا أيسر كفر، وإنما أنظر في هذا إلى الوقت الذي يحنث فيه. اهـ.
ولا شك في أن أحوط المذاهب ما ذهب إليه الشافعي -رحمه الله تعالى-، وإذا أردت الأخذ به، فإنك تصوم عن هذه الكفارة، ثم إذا وجدت يسارا كفرت بالإطعام أو بغيره من الخصال المخير فيها.
وانظر تفصيل أقوال أهل العلم في هذه المسألة في الفتوى رقم: 189949.
ولا يلزمك جمع المال إن كنت لا تملكه، وأما إن كنت تملك مالا غائبا عنك الآن، فلا تنتقل إلى الصيام.
فقد جاء في المدونة: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا عَنْهُ أَيُجْزِئُهُ أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بِالصِّيَامِ ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يَتَسَلَّفُ. قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ ؟ قَالَ: لَا. انتهى.
وأما إن بدأت في الصيام –لا مجرد النية- قبل أن يتوفر عندك المال، فلا يجب عليك أن تنتقل إلى الإطعام أو غيره.
قال ابن قدامة: إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق، أو الإطعام، أو الكسوة، لم يلزمه الرجوع إليها. روي ذلك عن الحسن وقتادة، وبه قال مالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر. انتهى.
وأما كيفية الإطعام: فإنك تطعم في كل كفارة عشرة مساكين، أي تُمَلِّك كل مسكين مدا من طعام، أي ما يساوي 750 جراما من الأرز تقريبا، وقال بعض الفقهاء هي مد من القمح، ونصف صاع من غير القمح, ونصف الصاع مدان أي كيلو ونصف تقريبا, وهذا القول أحوط .
فعليك أن تسأل عن المساكين في بلادكم، أو تعطي قيمة الإطعام إلى إحدى الجمعيات الخيرية الموثوقة، وهي تقوم بإخراجه عنك.
وننبهك إلى أن الصغير الذي لم يبلغ ليس عليه كفارة يمين؛ لحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ. رواه أحمد.
ولمزيد تفصيل في أحكام كفارة اليمين يرجى مراجعة هذه الفتوى: 26595.
والله أعلم.