الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قطع المأموم الصلاة لكون المأمومين لم يكبروا ولئلا يصلي في الصف وحده

السؤال

عذرًا لكثرة أسئلتي, ولكنّني أطلب العلم, وعلّ غيري أيضًا أن يستفيد من هذه الأسئلة.
إذا كان المأمومون قلائل - كأن يكونوا اثنين أو ثلاثة - فأحيانًا يكبّر الإمام والمأمومون غيري لم يكبّروا بعد, وأخاف تأخرهم عن التكبير - كانشغالهم بتسوية الصّف, أو النّية - مما يدفعني إلى قطع الصّلاة لأنّني أصلّي وحيدًا في الصّف, وغيري لم يدخلوا الصّلاة بعد؛ فأقول في نفسي هكذا: "أنا أصلّي في الصّف وحدي, وهذا لا يجوز" لذا أقوم بقطع الصّلاة وأكبّر بعد أن يكبّر أحد المأمومين, فهل عليّ انتظار شروع أحد المأمومين في التّكبير أم أكبّر مباشرةً بعد تكبيرة الإمام؟ وماذا لو ظهر لي بطلان صلاة المأمومين غيري - كأن يرفعوا صوتهم في الصّلاة بقصد زجر أحدٍ ما, وهذا ما قاله لي أحد الدّارسين إنّه يبطل الصّلاة - فهل ببطلان صلاتهم أصبح مصلّيًا بالصّف وحدي ممّا يتوجب علي الصّلاة مع الإمام في نفس صفّه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فلا يجوز قطع صلاة الفريضة بعد التكبير بحجة أن المأمومين لم يكبروا وأنك تصلي في الصف وحدك, ومن دخل في فريضة لم يجز له قطعها, وبطلان صلاة من صلى في الصف وحده عند القائلين به - وهم الحنابلة - إنما يكون إذا صلى ركعة كاملة وليس جزءًا من الركعة؛ ولذا يصححون صلاة من ركع وحده خلف الصف ثم دخل الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الإمام, كما قال صاحب الإنصاف: وَإِنْ رَكَعَ فَذًّا، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّفِّ، أَوْ وَقَفَ مَعَهُ آخَرُ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ: صَحَّتْ صَلَاتُهُ .. اهــ .
وقال ابن قدامة في المغني: مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ رَكْعَةً كَامِلَةً، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. اهــ.

وأشار أيضًا إلى أن إحرام أحد المأمومين في الصف قبل البقية لا يضر, ولا يعتبر مصليًا وحده, فقال: وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومُونَ يُحْرِمُ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْبَاقِينَ فَلَا يَضُرُّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ. اهـــ .
ولو بطلت صلاة المأمومين أثناء الصلاة وبقيت وحدك في الصف فإنك تطالب بأن تلحق بالصف الذي أمامك, أو يمين الإمام, فإن لم تجد فاستمر في صلاتك ولا تبطل.

ولو صليت وحدك لم تبطل صلاتك في قول جمهور أهل العلم؛ لأن صلاة المنفرد خلف الصف وحده صحيحة مع الكراهة عندهم, وأما عند الحنابلة القالين ببطلان صلاة المنفرد خلف الصف, فإنك في هذه الحال تنوي المفارقة, وتصلي وحدك للعذر, جاء في كشاف القناع في صلاة الرجلين خلف الإمام أو خلف الصف: ثُمَّ إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ أَحَدِهِمَا لِسَبْقِهِ الْحَدَثَ وَنَحْوِهِ تَقَدَّمَ الْآخَرُ إلَى الصَّفِّ إنْ كَانَ أَوْ تَقَدَّمَ إلَى يَمِينِ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَفَّ أَوْ جَاءَ آخَرُ فَوَقَفَ مَعَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ لِئَلَّا يَصِيرَ فَذًّا, وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقَدُّمُهُ إلَى الصَّفِّ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُرْجَةٌ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَلَا إلَى يَمِينِ الْإِمَامِ وَلَا جَاءَ آخَرُ فَوَقَفَ مَعَهُ نَوَى الْمُفَارَقَةَ لِلْعُذْرِ. اهـــ.

والذي نفتيك به هو القول الأول, أي أن تصلي مع الجماعة وحدك, ولا تنوي المفارقة.

وانظر الفتوى رقم: 14806, والفتوى رقم: 130775, والفتوى رقم: 31530.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني