السؤال
في عقيدة ابن حزم: هل يجب محبة ومودة والاقتداء بالخليفتين أبي بكر وعمر؟ وبمن يقتدي ويتبع ابن حزم؟ يرجى ذكر الكتاب والصفحة في نسبة القول لابن حزم.
في عقيدة ابن حزم: هل يجب محبة ومودة والاقتداء بالخليفتين أبي بكر وعمر؟ وبمن يقتدي ويتبع ابن حزم؟ يرجى ذكر الكتاب والصفحة في نسبة القول لابن حزم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما هو مقصد السائل بسؤاله على وجه التحديد، فإن كان يقصد السؤال عن مذهب ابن حزم في المفاضلة بين الصحابة، فقد عقد في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل فصلًا في وجوه الفضل والمفاضلة بين الصحابة، ذكر فيه تفصيل الخلاف، ثم قال: والذي نقول به وندين الله تعالى عليه ونقطع على أنه الحق عند الله عز وجل: أن أفضل الناس بعد الأنبياء عليهم السلام نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبو بكر. اهـ.
ومما قال في هذا الفصل: صحت النصوص والإجماع على أن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أحب فضيلة، وذلك كقوله عليه السلام لعلي: "لأعطين الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله" .. فقد صح يقينًا أن من كان أتم حظًا في الفضيلة فهو أفضل ممن هو أقل حظًا في تلك الفضيلة، هذا شيء يعلم ضرورة، فإذا كانت عائشة أتم حظًا في المحبة التي هي أتم فضيلة، فهي أفضل ممن حظه في ذلك أقل من حظها؛ ولذلك لما قيل له عليه السلام: من الرجال؟ قال: أبوها ثم عمر, فكان ذلك موجبًا لفضل أبي بكر ثم عمر على سائر الصحابة - رضي الله عنهم - .. وما نعلم نصًا في وجوب القول بتقديم أبي بكر ثم عمر على سائر الصحابة إلا هذا الخبر وحده. اهـ.
كما أنه نص في كتاب المحلى على أن: أفضل الإنس والجن الرسل ثم الأنبياء - على جميعهم من الله تعالى ثم منا أفضل الصلاة والسلام - ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الصالحون؛ قال تعالى: {جاعل الملائكة رسلًا} [فاطر: 1] وقال تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس} [الحج: 75] وهذا لا خلاف فيه من أحد، وقال عز وجل: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًا وعد الله الحسنى} [الحديد: 10] اهـ. ثم أسند بعض الأحاديث الواردة في فضل الصحابة.
وإن كان مقصد السائل السؤال عن مذهب ابن حزم في اتباع الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ فإن مذهب ابن حزم معروف، فليس في أقوال الصحابة جميعًا بمن فيهم الشيخين حجة عنده، كما أنه لا يجوز عنده تقليد أحد من الصحابة ـ فضلًا عن من دونهم ـ بمن فيهم الشيخين، وإنما الحجة عنده قاصرة على الكتاب والسنة, وقد عقد في كتاب الإحكام في أصول الأحكام بابًا في إبطال التقليد، وآخر في إبطال القياس في أحكام الدين, ونص فيهما على ضعف حديث: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر" ثم قال: وإنما الصحيح في هذا الباب ما ناولنيه بعض أصحابنا, وحدثنيه أيضًا ـ ثم أسند حديث ـ: " إني قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدًا ما أخذتم بهما: كتاب الله, وسنتي" .
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني