الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من أخذ بقول: أن الحدث الدائم لا ينقض الوضوء

السؤال

هناك أمر حيرني ولم أفهمه، أولا: نجاسة رطوبة فرج المرأة، وهذا يعني أن المرأة أبدا لا يصح وضوؤها وتعتبر صاحبة سلس، فأغلب النساء لديهن هذه الإفرازات.
ثانيا: أنا أتبع رأي الإمام مالك ليسره وليس لقناعتي، فأنا لا أُحسن الترجيح ربما لعدم تخصصي بدراسة الشريعة الإسلامية وقد أميل للرأي الصعب لخوفي وليس -كما قلت- لقناعتي، فهل صلاتي صحيحة ومقبولة؟ أي أن الله سيقبلها مني إن كانت كاملة، أم أنني أصلي بلا فائدة ويوم القيامة أعذب بسببها؟ علما أنني كنت أتوضا لكل صلاة، لكن شق علي ذلك، خاصة في أيام الدراسة، فإما أن أتوضا لكل صلاة وأضيع الكثير من المحاضرات، لأنني أعود للبيت حينها، فالوضوء في الجامعة غير ممكن بالنسبة لي، أو أضيع صلاتي من أجل المحاضرة، وهذا ما لا أستطيع فعله، وكلا الأمرين لا يعود علي بالخير، لذا قررت أن أتبع رأي الإمام مالك، كما أنني أصبحت لا أثق في أي حديث سوى أحاديث الإمام البخاري فقط، والإمام مسلم لكن ليس بدرجة ثقتي بالإمام البخاري، فما رأيكم؟ وما معنى حديث: لا تجتمع أمتي على ضلالة؟ وهل هو حديث صحيح؟ وهل له علاقة برأي جمهور الفقهاء؟ هذا لأوضح لكم سبب اتباعي للإمام مالك وفي سياق الموضوع، وجزاكم الله عنا كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي أولا أن الراجح عندنا في هذه الرطوبات كونها طاهرة لا نجسة، ومن ثم فلا يجب الاستنجاء منها وإن كانت موجبة للوضوء، وانظري الفتوى رقم: 110928.

ومن كانت مبتلاة بسلس هذه الرطوبات فإنها تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئها الفرض وما شاءت من النوافل، ولبيان ضابط الإصابة بالسلس راجعي الفتوى رقم: 119395.

ومن رأت تقليد مذهب المالكية في هذه المسألة فلا حرج عليها ـ إن شاء الله ـ وقد وافق المالكية على هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية، وراجعي الفتوى رقم: 141250.

وقد بينا في الفتوى رقم: 134759، أن الأخذ برخص العلماء عند الحاجة مع كون ذلك ليس دأبا للمكلف ولا ديدنا له مما سوغه كثير من العلماء ولم يعدوه من تتبع الرخص المذموم شرعا.
ولبيان ما يفعله العامي إذا اختلفت عليه أقوال العلماء راجعي الفتويين رقم: 120640، ورقم: 169801.

ومن لم يكن عالما بالحديث وطرق تصحيحه، فإنه يقلد الأئمة الثقات من أهل هذا الشأن، فما حكموا بصحته فهو صحيح سواء كان في صحيح البخاري أو في صحيح مسلم أو في غيرهما من كتب السنة، وما اتفقوا على أنه ليس بصحيح فهو كذلك، وما اختلفوا فيه فإن غير المتخصص يقلد من يثق به منهم، وراجعي الفتوى رقم: 157839.

وللفائدة وراجعي الفتوى رقم: 122155.

وأما حديث: لا تجتمع أمتي على ضلالة ـ فقد حسنه بعض أهل العلم، واستدلوا به على أن الإجماع لا تجوز مخالفته، وليس قول الجمهور من العلماء حجة يجب المصير إليها إذا ثبت الخلاف في المسألة، وإنما الحجة في إجماعهم، فمتى أجمعوا على قول فلم يوجد فيه خلاف بينهم لم يجز خرق هذا الإجماع، وراجعي الفتوى رقم: 136506.

هذا، ونوصيك بطلب العلم الشرعي والحذر من الانجرار وراء فرض الاحتمالات التي ربما تؤدي بك إلى الوسوسة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني