الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رغبة الأب في دراسة ابنه في ديار الكفر...نظرة شرعية

السؤال

السلام عليكم. شيخي الجليل.أحبك والله في الله.وأسأله تعالى لك الأجر والمثوبة على ما تقدمة للمسلمين. وأسال ذلك أيضا لإخواننا القائمين على هذا العمل. سؤالي هو: أدرس في بلاد كفر،أريد الرجوع إلى بلاد المسلمين لكن والدي هداه الله يريد لي الاستمرار في الدراسة في تلك البلاد لأن العلم فيها خير مما هو عليه في موطني.ما حكم الشريعة في هذه المسألة؟ وأرجو من شيخي العزيز حفظه الله وأبقاه أن لا ينساني من دعائه. جزاكم الله خيراً. والسلام

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن طاعة الوالدين من أوجب الواجبات، قال تعالى:وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23].
ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف، فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. واللفظ لمسلم.
ولا شك أن الأصل في الإقامة في بلاد الكفر هو أنها لا تجوز، ولا يستثنى من ذلك إلا ما دعت إليه الضرورة أو الحاجة الشديدة كالقيام بالدعوة، أو طلب العلاج، أو طلب علم يحتاجه المسلمون ولا يوجد إلا في تلك البلاد، ونحو ذلك.
ثم إنه ينبغي التفريق بين بلاد الكفر: فما كان منها تنتشر فيه المنكرات انتشاراً بحيث يخشى المقيم فيه على نفسه من الوقوع فيما حرم الله فلا شك أنه لا يجوز الإقامة فيه بحال، لأن الدين رأس مال المرء فمن خسره فقد خسر كل شيء. أما ما كان خالياً من انتشار المنكرات انتشاراً يخشى معه المرء من الوقوع فيها فهو الذي تمكن الإقامة فيه للأسباب المتقدمة.
وإنما كان الأصل هو منع الإقامة في بلاد الكفر لأن ضرر الإقامة فيها أعظم من النفع المتوقع، فقد روى الترمذي بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قال الألباني صحيح.
فإذا تقرر هذا وكنت تخشى على نفسك الوقوع فيما ينتشر هنالك من منكرات فلا يجوز لك طاعة والدك في هذا الأمر، ويجب عليك الرجوع إلى بلدك، وإن كنت تأمن على نفسك ودينك من الوقوع في شيء من ذلك، وكان ما تدرسه مما يحتاجه المسلمون، وليس موجوداً في بلدك بوضع مساوٍ لما تجده هناك، فالذي ننصحك به هو إكمال دراستك مع المحافظة الشديدة على الدين، والاتصال بإخوانك العاملين في المراكز الإسلامية فهم عون لك على الالتزام، نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والثبات والرشاد.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني