السؤال
إن بنات الشفة لتعجز عن وصف مدى شكرها لله تعالى على هذا الصرح الذي يسر الله به على كل معسر يستفتي في أمر دينه من هدي رب العالمين، فنعم الهادي ونعم العليم: أطلب علما نافعا نادر الوجود في بلادنا، وإن وجد فليس بالكفاءة المطلوبة في إحدى البلدان الأوروبية، وقد سارع والداي ـ حفظهما ربي وهداهما ـ إلى مدي بالعون المادي، وسؤالهما وسؤالي: هل يحتسب ما أعاناني به من مال ـ وليس بالقليل ـ كقسط من نصيبي في ما ينويان توزيعه على أبنائهما وأنا ثالثهم، وهما ـ أي الوالدان ـ يريان أنه لا دخل لما ساعداني به من مال في نصيبي، وقد عارضتهما خوفا من الله أولاً ومن هضم حقوق إخوتي وتوتير العلاقة بيننا، علما بأنني ـ والله يعلم ـ لا أبدي اهتماماً لأمر الأموال: أليس من الأجدر أن يحتفظا بمالهما، علماً بأن دخلهما ليس بالمستقر، وحالتهما المادية متوسطة، وأحياناً تحت المتوسطة، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن الشق الأول من السؤال: فلا حرج على أبويك إذا أرادا توزيع مالهما عليكم أن يسويا بينك وبين بين بقية إخوتك دون احتساب ما سبق أن صرفا عليك في دراستك، وليس هذا تفضيلا محرما، لأن التسوية بين الأولاد إنما تجب في الهبات لا في النفقات، ولأن التفضيل جائز إذا كان لمسوغ شرعي، قال ابن قدامة رحمه الله: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة، أو عمى، أو أكثر عائلة، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى، أو ينفقه فيها، فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك.
أما عن الشق الثاني من السؤال: فالأولى لهذين الأبوين أن يدعا مالهما على فرائض الله تعالى ولا يقسماه عليكم قبل الموت. وراجع في هذا المعنى الفتوى رقم: 133718.
والله أعلم.