السؤال
ما هي مدة ترك الصلاة التي يكفر بها صاحبها؟ فمثلا إذا ترك الشخص الصلاة لمدة يوم واحد، أو شهر، أو مدة قصيرة؟ فهل يكفر بذلك؟ أعلم الاختلاف في الأمر، لكنني أريد رأي من يقول بكفر تارك الصلاة، وبارك الله فيكم.
ما هي مدة ترك الصلاة التي يكفر بها صاحبها؟ فمثلا إذا ترك الشخص الصلاة لمدة يوم واحد، أو شهر، أو مدة قصيرة؟ فهل يكفر بذلك؟ أعلم الاختلاف في الأمر، لكنني أريد رأي من يقول بكفر تارك الصلاة، وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم قد اختلفوا في حكم تارك الصلاة تهاونا بها، وقد بينا أقوالهم في الفتاوى التالية أرقامها: 1145، 5259 6061، 130853.
وقد اختلف القائلون بكفر تارك الصلاة في القدر الذي يكفر الشخص بتركها، فقيل: يكفر بترك صلاة واحدة، قال ابن حزم في الفصل: روينا عَن عمر بن الْخطاب ـ رَضِي الله عَنهُ ـ ومعاذ بن جبل وَابْن مَسْعُود وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة ـ رَضِي الله عَنْهُم ـ وَعَن ابْن الْمُبَارك وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق ابْن رَاهْوَيْةِ ـ رَحْمَة الله عَلَيْهِم ـ وَعَن تَمام سَبْعَة عشر رجلا من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رَضِي الله عَنْهُم: أَن من ترك صَلَاة فرض عَامِدًا ذَاكِرًا حَتَّى يخرج وَقتهَا، فَإِنَّهُ كَافِر مُرْتَد، وَبِهَذَا يَقُول عبد الله بن الْمَاجشون صَاحب مَالك، وَبِه يَقُول عبد الْملك بن حبيب الأندلسي وَغَيره. اهـ.
واختار بعض العلماء أن من كان يصلي أحيانا ويترك أحيانا ليس بكافر، حتى يترك الصلاة بالكلية، قال ابن تيمية: فأما من كان مصرا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك، فهذا لا يكون مسلما، لكن أكثر الناس يصلون تارة ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، من حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ـ فالمحافظ عليها الذي يصليها في مواقيتها، كما أمر الله تعالى، والذي ليس يؤخرها أحيانا عن وقتها، أو يترك واجباتها، فهذا تحت مشيئة الله تعالى، وقد يكون لهذا نوافل يكمل بها فرائضه، كما جاء في الحديث. اهـ.
وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع: والذي يظهر من الأدلَّة: أنَّه لا يكفر إلا بترك الصَّلاة دائماً، بمعنى أنَّه وطَّنَ نفسَه على ترك الصَّلاة، فلا يُصلِّي ظُهراً، ولا عَصراً، ولا مَغرباً، ولا عِشاء، ولا فَجراً، فهذا هو الذي يكفر، فإن كان يُصلِّي فرضاً أو فرضين فإنَّه لا يكفر، لأنَّ هذا لا يَصْدُقُ عليه أنه ترك الصَّلاة، وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: بين الرَّجُلِ وبين الشِّركِ والكفرِ تَرْكُ الصَّلاة ـ ولم يقل: تَرَكَ صلاةً، وأما ما رُوي عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: مَنْ تَركَ صلاةً مكتوبةً متعمِّداً فقد بَرئت منه الذِّمَّةُ ـ ففي صحَّته نظر، ولأنَّ الأصلَ بقاءُ الإسلام، فلا نخرجه منه إلا بيقين، لأنَّ ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين، فأصل هذا الرَّجُل المُعَيَّن أنَّه مسلمٌ، فلا نخرجه من الإسلام المتيقَّن إلا بدليل يخرجه إلى الكفر بيقين. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني