الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحاكم إلى المحاكم الأوربية لفسخ النكاح.. الأضرار.. والحلول المقترحة

السؤال

لدي سؤالان يتعلقان بفسخ عقد نكاح المسلمين بألمانيا:
الأول: مسلم ومسلمة متزوجان شرعًا وقانونًا, والمرأة لا تريد الاستمرار ولديها مبرر شرعي, فكيف تخلع نفسها أو كيف يُفسخ العقد إذا رفض الزوج الطلاق والخلع؟ وإذا لجأت إلى إمام المسجد فإن الإمام أولًا قد لا يكون لديه علم شرعي يؤهله للحكم في مثل هذه القضايا, ثم حكمه ثانيًا غير نافذ, فيمكن للزوج أن يذهب إلى إمام مسجد آخر فيفتيه بخلاف ما أفتى الإمام الأول, فهل تلجأ إلى القضاء الألماني؟ وإذا اعتبرنا فسخ القاضي فسخًا شرعيًا فمتى نحكم بفسخ عقد النكاح؟ وهنا بألمانيا لا فرق بين الطلاق والخلع والفسخ، فالطلاق يتم بأن يتقدم أحد الزوجين بطلب الطلاق, ويجب أن ينفصلا عن بعضهما لمدة سنة كاملة, بحيث لا يعيشان تحت سقف واحد, وقد تبدأ هذه المدة قبل أو بعد تقديم الطلاق, ويدعى كل من الطرفين إلى المحكمة للاتفاق على تفاصيل الطلاق, وبعد شهر من هذه الجلسة في المحكمة يقع الطلاق حكمًا, فإذا انتظرت المرأة حتى يتحقق الطلاق حكمًا فإنها تتضرر؛ لأن المدة لا تقل عن سنة كاملة, ثم بعد ذلك تبدأ عدتها الشرعية, فهل يجوز اعتبار تقديم أوراق الطلاق فسخًا؟
الثاني: كيف يفسخ عقد نكاح الزوجين في حالة كونهما متزوجين شرعًا وليس قانونًا؟ وإلى من تلجأ مع العلم أن الرجوع إلى العالم أو الإمام فيه إشكال كما سبق - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان للزوجة مبرر شرعي لطلب الطلاق أو الخلع فيستحب لزوجها إجابتها إليه، قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: يباح - الخلع - لسوء عشرة بين الزوجين، وتستحب الإجابة إليه. اهـ.

وإذا لم يجب الزوج زوجته إلى الطلاق أو الخلع، ولم يحكم به القاضي المسلم أو من يقوم مقامه في البلاد غير الإسلامية - كالمراكز الإسلامية - فإنها تظل باقية في عصمته.

فلا تنتهي العصمة بمجرد طلبها الطلاق، ولا عبرة بحكم المحاكم الوضعية به، بل لا يجوز التحاكم إليها أصلًا, جاء في نص البيان الختامي للمؤتمر الثاني لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، المنعقد بكوبنهاجن - الدانمارك - مع الرابطة الإسلامية، في الفترة من 4-7 من شهر جمادى الأولى لعام ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين من الهجرة الموافق 22-25 من يونيو لعام ألفين وأربعة من الميلاد: أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقًا شرعيًا فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية. اهـ.

ثم إن هذه الخطوات المذكورة لا يخفى ما فيها من الضرر العظيم على المرأة, فيمكن للمرأة أن تذهب إلى المراكز الإسلامية في ألمانيا وهي متوافرة فيما نعلم, ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 75455.

ويبدأ حساب العدة من حين إيقاع الزوج الطلاق أو حكم القاضي - أو من يقوم مقامه - به، وراجع الفتوى رقم: 108775.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني