السؤال
حياكم الله شيوخنا الأفاضل: مشكلتي وجدت لها عدة فتاوى لكن لدي بعض الأسئلة المحيرة للأسف لم أجد لها جوابا، لدي مشكلة لا أعلم هل هي نفسية أم عضوية... فمنذ أكثر من أربع سنوات أعاني من طرد الغازات بشكل متواصل تقريبا، بداية لم أكن أعرف الحكم وكنت أتوضأ لكل صلاة وأحاول أن أصلي دون أن أبطل الوضوء لكن وجدت فتاوى لمثل مشكلتي واستفدت منها ـ ولله الحمد ـ وسؤالي كالتالي: أصبحت لا أستطيع السفر أو الذهاب لمكان قبل أن أؤدي صلواتي في البيت، ولا أستطيع الذهاب للصلاة في المسجد وحتى صلاة العيد، أود أن أعرف هل يمكنني الوضوء في البيت والخروج لصلاة العيد أو الخروج لأي مكان آخر ثم الصلاة في المسجد بوضوء البيت إذا كنت مضطرة للخروج وليس لدي مكان أتوضأ فيه؟ أم أتيمم في المسجد حتى لا تفوتني الصلاة؟ ونفس الأمر بالنسبة للعمل حيث لا أجد مكانا أتوضأ فيه، وبعد أيام بإذن الله حيث وقت العصر بدأ بالتناقص بقرب فصل الشتاء، وإذ لم أقم بصلاة العصر في العمل فسيفوتني وقته وقد أصل البيت وقت المغرب، فهل يمكنني التيمم للصلاة في العمل أو الصلاة بوضوء البيت علما أنني لا أستطيع الوضوء هناك؟ أرجو أن تكونوا قد فهمتم مطلبي وبالله عليكم التفصيل في هذه المسألة فهي تعذبني جدا خاصة مع حرصي الشديد على الصلاة في وقتها، أرجو ردا خاصا على سؤالي ولكم الأجر ـ بإذن الله ـ وجزاكم الله خيرا ونفع الله بكم وبعلمكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشرح صدرك، ويمتعكِ بحلاوة الطاعة، ويرفع عنك الحرج، واعلمي أن دين الله يسر فلا تشددي على نفسك، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.
وقال عقب آية الوضوء: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:6}.
وأما جواب سؤالك فإنه إن كان انفلات الريح ملازماً لك أكثر الوقت فإنه يعتبر بمثابة سلس البول، ويجب على من ابتلي بذلك أن يتوضأ لكل صلاة عند دخول وقتها، ولا يضره ما خرج منه بعد ذلك في أثناء الصلاة، وأما إن كان انفلات الريح لا يلازمك أكثر الوقت، فيلزمك الوضوء كلما أردت الصلاة، وإذا خرج منك ريح فإن وضوءك ينتقض، ويلزمك إعادته للصلاة.
وأما صلاة العيد.. فوقت صلاة العيد هو وقت صلاة الضحى، ويبدأ بارتفاع الشمس قيد رمح، وينتهي باستواء الشمس في كبد السماء، قال البهوتي في الروض المربع: وأول وقتها كصلاة الضحى، لأنه صلى الله عليه وسلم ومن بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس، ذكره في المبدع، وآخره ـ أي آخر وقتها ـ الزوال. انتهى.
وقد سبق لنا تفصيل القول في وضوء المعذور لصلاة الضحى وبينا أن في المسألة قولين أصحهما أنه لا بد من أن يتوضأ لها بعد دخول وقتها، والقول الثاني أنه يجوز أن تصلى بوضوء الصبح، وانظري للتفصيل الفتوى رقم: 125423.
وأما وقت صلاة الضحى بحساب الدقائق: فقال العثيمين في الشرح الممتع: قيد رمح: يعني قدر رمح برأي العين، فإذا طلعت الشمس فانظر إليها، فاذا ارتفعت قدر رمح، يعني قدر متر تقريبا في رأي العين فحينئذ خرج وقت النهي، ويقدر بالنسبة للساعات باثنتي عشرة دقيقة إلى عشر دقائق، أي ليس بطويل، ولكن الاحتياط أن يزيد إلى ربع ساعة فنقول بعد طلوع الشمس بربع ساعة ينتهي وقت النهي. انتهى.
فإذا ارتفعت الشمس قيد رمح جاز الوضوء لصلاة العيد في حق المعذور، ولا يجوز قبل ذلك على ما رجحناه، فإن خشي المعذور فوات صلاة العيد وكان الإمام يصلي في أول الوقت، فليس له أن يتوضأ قبل الوقت، ولكن يتوضأ بعد دخول الوقت فما أدركه من الصلاة فعله وما فاته قضاه، وإن فاتته الصلاة مع الإمام فإن له أن يصليها منفردا، قال البعلي الحنبلي في شرح أخصر المختصرات: يسن لمن فاتته صلاة العيد أو فاته بعضها مع الإمام أن يقضيها في يومها قبل الزوال وبعده ولو منفردا. انتهى.
ثم اعلمي أنه لا يجوز التيمم إلا لمن لم يستطع استعمال الماء بسبب مرض يزيده استعمال الماء أو يؤخر البرء منه، أو كان يخاف حدوث ضرر محقق أو مظنون ظنا قويا بسبب استعمال الماء، أو لفقد الماء، أو عدم من يناوله الماء إذا عجز عن تناوله بنفسه، فمن كان حاله كذلك جاز له التيمم، وإلا وجب عليه استعمال الماء للوضوء، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا {النساء: 43}.
وعليه، فلا يجوز لك التيمم لصلاة العصر، ولكن توضئي في العمل، وصلي، ويمكنك حمل زجاجة ماء إلى العمل للتتوضئي هناك، ولا توجد مشقة في ذلك، فادفعي عن نفسك وساوس المشقة، تجدي الأمر يسيرا.
والله أعلم.