السؤال
أنا فتاة عمري 23 سنة، وأبي يريد أن يأخذني معه إلى أمريكا، وأنا بعد أن عشت هناك عشر سنين لا أستطيع أن أستكمل فيها بقية حياتي، فإذا رفضت الذهاب معه وطلبت أن أبقى هنا مع إحدى قرباتي – خالتي، أو عمتي - أعتبر عاصية؟ وإذا أحرقت الجواز الأمريكي، أو تنازلت عن الجنسية، وهو رافض هذا، فهل يعتبر هذا مخالفة لأمر أهلي؟ فأنا لا أريد أن أكون بجنسية أخرى، ولا أريد أن أعيش في هذه الدولة فهل هذا من حقي أم لا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين، والإحسان إليهما من آكد فرائض الإسلام، ولكن ذلك لا يكون بطاعتهما في المحرمات، أو متابعتهما على المنكرات.
فإن كانت السائلة لا تستطيع أن تقيم شعائر دينها، أو لا تأمن الفتنة على نفسها، في بلد من بلاد الكفر، فلا يجوز لها أن تقيم فيها.
وإذا أمرها أبوها بذلك: لم تجز طاعته، ولا يعد ذلك من العقوق؛ فإن الطاعة إنما تجب في المعروف، ولا طاعة لأحد في معصية الله تعالى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد، وصححه الألباني.
وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه. قال القرطبي في المفهم: يعنى بالمعروف هنا: ما ليس بمنكرٍ، ولا معصية. اهـ.
وقال السعدي في بهجة قلوب الأبرار: هذا الحديث قيد في كل من تجب طاعته من الولاة، والوالدين، والزوج، وغيرهم، فإن الشارع أمر بطاعة هؤلاء، وكل منهم طاعته فيما يناسب حاله، وكلها بالمعروف، فإن الشارع رد الناس في كثير مما أمرهم به إلى العرف والعادة، كالبر، والصلة، والعدل، والإحسان العام، فكذلك طاعة من تجب طاعته، وكلها تقيد بهذا القيد، وأن من أمر منهم بمعصية الله بفعل محرم، أو ترك واجب، فلا طاعة لمخلوق في معصية الله. اهـ.
وراجعي للفائدة الفتاوى: 63270، 94569, 2007.
والله أعلم.