السؤال
وقعت على عقد تدريس دورات – كورسات - في مركز تعليمي، ولكنه اشترط عليّ في العقد ألا أقوم بالتدريس في أي مكان آخر، علمًا أني لا أعمل لديه بصفة دائمة، ويطلبني للعمل جزءًا من الوقت - عدد ساعات أسبوعي - إذا كان لديه دورة – كورس - فإذا بحثت عن مركز آخر أدرس فيه، فهل ارتكبت حرامًا؟ علمًا أنه لا يوجد أي تعارض على الإطلاق، أو خسائر على المركزين.
السؤال الثاني: كنت حجزت تذاكر طيران لي ولزوجتي، ونظرًا لظروف معينة لم تستطع زوجتي أن تسافر معي، فقمت ببيع التذكرة لمسافر آخر بصفة غير رسمية، أي ليس من خلال شركة الطيران، وكسبت منها - ولله الحمد - ولكن القواعد في شركة الطيران أنه إذا تعذر على المسافر أن يحضر للسفر فيمكن له إلغاء التذكرة، ونظرًا لأن القيمة المستردة في حال إلغاء التذكرة من شركة الطيران ستكون صفرًا؛ لأنه كان هناك عرض خاص على التذكرة، فكان لديّ خياران، إما أن أترك المقعد المجاور لي الخاص بزوجتي خاليًا لراحة أكبر، أو أن أقوم ببيعها لأحد المسافرين الذين لم يجدوا تذاكر في ذلك اليوم، علمًا أن البوردينج والتذاكر كلهم من على النت، فما ردكم - جزاكم الله عنا وعن كل مستخدمي الموقع كل الخير -؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أنه يجب الوفاء بجميع الشروط التي لا تخالف الشرع في جميع العقود، فالمسلمون على شروطهم - كما جاء في الحديث الذي أخرجه أبو داود، وصححه الألباني - ومن القواعد المقررة أن الشروط المباحة التي يتفق عليها المتعاقدون يجب على الطرفين الالتزام بها، وإن كانت الشروط في الأصل مما لا يجب الالتزام به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في الأخبار العلمية من اختيارات ابن تيمية للبعلي -: وتصح الشروط التي لم تخالف الشرع في جميع العقود. اهـ.
وقال ابن سعدي:
وكل شرط لازم للعاقدِ في البيع والنكاح والمقاصدِ
إلا شروطاً حَلَّلَتْ مُحَرَّماً أو عكسه فباطلاتٌ فاعْلَمَا.
وقال ابن عثيمين: القاعدة: أن جميع الشروط التي تشترط في العقود، وجميع المصالحات الأصل فيها الحل، والصحة، واللزوم، ما لم تناف الشرع، فإن شككنا في ذلك فالأصل الصحة حتى يقوم دليل على أن هذا الشرط، أو أن هذا الصلح مخالف للشرع، فإذا حصلت المنافاة للشرع فإنها لا تصح. اهـ.
وعليه: فإذا اشترط عليك صاحب العمل في العقد ألا تعمل خارج وقت الدوام فيجب عليك الالتزام بذلك؛ لأنه هذا الشرط لا يخالف الشرع، فيجب الوفاء به، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 111316.
وكذلك في السؤال الثاني: إذا منعت شركة الطيران من بيع المسافر تذكرته لغيره، واشترطت عليه أن يستوفي منفعة السفر بنفسه، فعلى المسافر الالتزام بذلك.
وأما إذا لم تشترط ذلك: فلا مانع من بيع التذكرة، جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ويجوز للمستأجر إجارة العين المؤجرة لمن يقوم مقامه بمثل الأجرة وزيادة، وهو ظاهر مذهب أحمد، والشافعي، فإن شرط المؤجر على المستأجر أن لا يستوفي المنفعة إلا بنفسه، أو ألا يؤجرها إلا لعدل، أو لا يؤجرها من زيد، قال أبو العباس: فقياس المذهب - فيما أراه - أنها شروط صحيحة. اهـ.
والله أعلم.