السؤال
هل يجوز الجمع بين عدة سنن مرة واحدة ـ أي أكثر من سنتين ـ أو جمعها مع الفرض؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز التشريك بين عبادتين في نية واحدة إن كان مبناهما على التداخل، أو كانت إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها، جاء في الموسوعة الفقهية: إِنْ أَشْرَكَ عِبَادَتَيْنِ فِي النِّيَّةِ، فَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُمَا عَلَى التَّدَاخُل، كَغُسْلَيِ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ، أَوِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ، أَوْ غُسْل الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ، أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ مَقْصُودَةٍ، كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَعَ فَرْضٍ أَوْ سُنَّةٍ أُخْرَى، فَلاَ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ؛ لأِنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُل، وَالتَّحِيَّةُ وَأَمْثَالُهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِذَاتِهَا، بَل الْمَقْصُودُ شَغْل الْمَكَانِ بِالصَّلاَةِ، فَيَنْدَرِجُ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا التَّشْرِيكُ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ بِذَاتِهَا، كَالظُّهْرِ وَرَاتِبَتِهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَشْرِيكُهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ؛ لأِنَّهُمَا عِبَادَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ، لاَ تَنْدَرِجُ إِحْدَاهُمَا فِي الأْخْرَى. انتهى.
وجاء في مجموع الفتاوى للشيخ ابن عثيمين ـرحمه الله تعالى-: والقسم الثاني: أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل والعبادة نفسها ليست مقصودة، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثاله: رجل دخل المسجد والناس يصلون صلاة الفجر، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عنه الركعتين؛ لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد، وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى، وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى، أجزأت عنه تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فأكمل، فهذا هو الضابط في تداخل العبادات. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 44125.
وبناء على ما سبق، فيجوز الجمع بين أكثر من سنة في صلاة واحدة، كالجمع بين صلاة الاستخارة وركعتي الشفع, أو الجمع بين صلاة الحاجة وركعتي الفجر، كما أن من توضأ ودخل المسجد ثم صلى الفرض, أو سنة راتبة أجزأه ذلك عن سنة الوضوء, وتحية المسجد؛ لأن تحية المسجد، وسنة الوضوء صلاتان غير مقصودتين لذاتهما، بل المقصود حصول صلاة بعد الوضوء، وصلاة عند دخول المسجد، وقد حصل ذلك بالفرض, أو بالراتبة, وراجع المزيد في الفتويين رقم: 96185, ورقم: 234610.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني