السؤال
هل صحيح ما قاله الأزهر -هنا في مصر- من أن الحجاب عادة، ولا علاقة له بالعبادة؟!
وهل صحيح أيضًا ما قاله أحد الشيوخ من أن النقاب عادة, ولا علاقة له بالعبادة كذلك؟!
وختامًا يمكنني القول: أني لا أستطيع أن أميز بين الشيوخ الثقات وغير الثقات، فما نصيحتكم لي؟ وهل يكفي في كون الشيخ عالما ثقة أن يلتف بعض الناس حوله، يريدون فتواه، أم أن هذه العلامة لا تكفي في كون الشيخ ثقة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون الحجاب عبادة، وفريضة شرعية على المرأة المسلمة, لا يختلف فيه أهل العلم قديمًا ولا حديثًا، وإنما يفتري ذلك من لا خلاق له، ولا علم؛ لوضوح أدلته, وظهورها, وكثرتها، ولدار الإفتاء المصرية جواب مفيد لدحض هذه الفرية، والرد على من أنكر فرضية الحجاب، وبيان التزوير الذي نسب لجامعة الأزهر من إجازتها لرسالة دكتوراة تنفي فرضية الحجاب.
وأما النقاب أو ستر الوجه: ففي وجوبه خلاف قديم بين أهل العلم، وقد اختار كثير من علماء الأزهر: عدم الوجوب، وأن وجه المرأة ليس بعورة، ما دامت تلبس الملابس المحتشمة التي لا تصف شيئا من جسدها, ولا تكشف شيئا منه سوى وجهها، وكفيها.
وهذا موضع خلاف حتى بين علماء الأزهر، ويحسن بنا أن ننقل هنا شيئًا من إحدى فتاوى دار الإفتاء المصرية لعالم الأزهر المعروف عطية صقر ـ رحمه الله ـ حيث قال: حديث السيدة عائشة رواه أبو داود، وابن مردويه، والبيهقي، عن خالد بن دريك عنها، وهو: أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, وقال: "يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا" وأشار إلى وجهه وكفيه. يقول الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب ج 3 ص 33": هذا مرسل، وخالد بن دريك لم يدرك عائشة. وذكره القرطبي في تفسيره، وقال: إنه منقطع. وقال ابن قدامة في " المغنى ": إن صح هذا الحديث فيكون قبل نزول الحجاب. وبناء على هذا؛ لا يوجد دليل يستثني وجه المرأة وكفيها من وجوب سترهما. ويؤكد ذلك الشوكاني بأن المسلمين من قديم الزمان على ذلك، ويميل إلى هذا في زمن يكثر فيه الفساق. والخلاف موجود بين الأئمة .... وما دام الأمر خلافيًّا فلا يحكم ببطلان رأي، ولا يجوز التعصب لغيره، وللإنسان حرية الاختيار، وكل هذا الخلاف ينتهي إذا كان وجه المرأة جميلًا تُخشى منه الفتنة فيجب ستره. اهـ.
وأما صفة من تؤخذ عنه الفتوى، وكيف يعرف المكلف ذلك: فراجعي فيه الفتوى رقم: 199465.
والله أعلم.