الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأبدال.. تعريفهم.. تعيينهم وعددهم

السؤال

أرجو منكم الاستفسار عن الأبدال الذين أخبر عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهل الأحاديث الواردة فيهم ضعيفة أم صحيحة.. ونص الحديث بالمعنى أنه سيكون هناك أربعون من الأبدال في كل زمان وهم أوتاد الأرض وعددهم ما بين الثلاثين والأربعين، أرجو توضيح ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأحاديث الأبدال قد تباينت فيها أنظار العلماء بين مصحح ومضعف، قال ابن القيم في المنار المنيف: ومن ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرب ما فيها: لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم البدلاء، كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلاً آخر. ذكره أحمد، ولا يصح أيضاً فإنه منقطع، وقد حكم عليها ابن الجوزي بالوضع، وكذلك ذكر الشيخ الألباني جملة من أحاديث الأبدال في السلسلة الضعيفة وضعفها كلها وحكم على بعضها بالوضع.
وهناك من ذهب إلى أن الحديث له أصل بناء على كثرة طرقه، قال العجلوني في كشف الخفاء: وأقول: لكنه يتقوى بتعدد طرقه الكثيرة.
ونقل المناوي في فتح القدير عن ابن حجر: الأبدال وردت في عدة أخبار منها ما يصح وما لا يصح. وممن ذهب إلى هذا أيضاً السيوطي والسخاوي وغيرهم.
وعلى كلا قولي العلماء في هذه الأحاديث، فالأبدال المذكورون في هذه الأحاديث -على القول بصحة بعضها- هم المتبعون للكتاب والسنة، علماً وعملاً وحالاً.
أما تعيينهم فلا سبيل إليه، والخوض في ذلك من التخرص والقول على الله بلا علم، وكذلك حصرهم في عدد معين باطل، قال شيخ الإسلام: والحديث المروي في أن الأبدال أربعون رجلاً حديث ضعيف، فإن أولياء الله المتقين يزيدون وينقصون بحسب كثرة الإيمان والتقوى وبحسب قلة ذلك، كانوا في أول الإسلام أقل من أربعين فلما انتشر الإسلام كانوا أكثر من ذلك.
ولا يجوز لأحد أن يدعي أن فلاناً من الأبدال، أو يظن فيه قدرة على شفاء المرض وقضاء الحاجات أو يصرف إليه استغاثة أو دعاءً نحو ذلك مما هو شرك أكبر، أو يتبعه في خلاف الكتاب والسنة بحجة أنه من الأبدال، فقد حجب الله على الخلق الوصول إليه إلا من جهة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].
وأوجب على الخلق جميعاً طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65].
وهؤلاء السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هم أفضل هذه الأمة كانوا أحرص ما يكون على اتباع كتاب ربهم وسنة نبيهم، فمن تنكب سبيلهم فقد ضل سواء السبيل، والله المسؤول أن يمنَّ علينا باقتفاء سبيلهم، علماً وعملاً وحالاً، ونعوذ بالله أن يكون حظنا من ذلك، مجرد حكايته.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني