السؤال
لدي أب يبلغ الخامسة والأربعين من العمر، وهو في شجار دائم مع العائلة كلها، ولا أعرف من أين أبدأ أولًا، فهو لا يصلي، ولا يصوم، وآكل لأموالَ الناس بالباطل، وآكل للربا، ويسب الدين، ويسب الله ـ والعياذ بالله ـ، ويسب العلماء، ويضرب أمي، ويسب دائمًا جدتي وعرضها وأخوالي، ويعاملنا بقسوة، ولا ينفق علينا، ويضربنا، فماذا نفعل معه؟ فأنا الآن أقاطعه، ولا أتكلم معه، ولا أسلم منه، ووالله إنه سبب تعقيد حياتنا كلها، ونحن جميعنا ملتزمون ـ والحمد لله ـ وجميعنا متفاهمون، ولكننا دائمًا نتشاجر معه بسبب عقله المنحرف، وإذا بقينا هكذا فإما أن يقتلني، وإما أن نبقى هكذا، ونخسر آخرتنا بسببه، وماذا يتوقع أكثر من هذا؟ وأنا أكرهه كرهًا شديدًا، ولا أطيقه، فهل الإسلام يبيح له فعل كل شيء مع أولاده؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يبيح الإسلام للآباء أن يظلموا أبناءهم، ولا أن يسعوا في إفسادهم، والإضرار بهم، ولم تطلق الشريعة يد الوالد ليفعل بابنه ما يشاء، بل أمرته بحفظه، ورعايته، وصيانته، ونهته عن تضييعه، ورتبت للابن حقوقًا على أبيه، يُسأل عنها في الدنيا فضلًا عن يوم القيامة، وراجع في هذا الموضوع الفتوى رقم: 190121.
وأما بخصوص حال السائل، فليعلم أولًا أن سب الدين، فضلًا عن سب الله تعالى: كفر بواح، وردة صريحة! -والعياذ بالله تعالى-، وشفقة الابن على أبيه من الخلود في النار إن هو فعل ذلك، ينبغي أن تحمله على الدعاء له بالهداية، وشرح صدره للإسلام، ولا يهجره، ويقاطعه، بل ينصحه، ويكرر نصحه، ودعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، ومجادلته بالتي هي أحسن، ويصبر على أذاه، لعل الله تعالى أن يستنقذه به من النار، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 50848، 96354، 128852.
لكن إن كنت لا تسلم من أذاه إلا بتضييق التعامل معه، والاقتصار على أقل الصلة، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.