السؤال
لدي سؤالان حول آداب المسلم تجاه سماعه للأذان:
الأول: عندما أكون جالسا وأنا أضع رجلي اليمنى فوق اليسرى أو العكس، ومن ثم يؤذن المؤذن يقول لي البعض بأن أنزل رجلي عن الأخرى وأجلس بشكل مؤدب، لأن المؤذن يؤذن، فما مدى صحة هذا الكلام؟ وإذا ما كنت أستمع للقرآن أو أقرأ القرآن وأجلس وأنا واضع رجلي الأولى فوق الثانية، ينهاني الناس عن هذا الفعل، لأنه حسب وصفهم فيه إساءة أو قلة احترام.
الثاني: عندما أدخل المسجد وهو يؤذن، أهم بالجلوس لكي أرتاح قليلا، وحينما ينتهي المؤذن من الأذان أقف لأصلي تحية المسجد، ولكنني أرى بعض الناس يدخلون المسجد وهو يؤذن فلا يقعدون حتى ينتهي المؤذن من الأذان، وعندها يجلسون أو يبدأ أحدهم بصلاة تحية المسجد ويعللون ذلك الوقوف بأنه احترام للأذان، وأنهم لو كانوا قد دخلوا المسجد قبل الأذان لجلسوا لكنهم دخلوا المسجد وهو يؤذن فيقتضي الاحترام أن يبقوا واقفين حتى ينتهي المؤذن من الأذان، فما صحة هذا الكلام؟ وهل هو فعلا من الآداب المطلوبة عند سماع المسلم للأذان؟ أم أنه من العادات الدخيلة التي ابتدعها الناس؟.
أفيدونا أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج في وضع إحدى الرجلين على الأخرى أثناء سماع الأذان أو أثناء الجلوس عند قراءة القرآن، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ القرآن وهو واضع رأسه الشريف في حجر عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهي حائض، كما في الصحيحين من حديث عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ.
قال النووي في شرحه: فِيهِ جَوَاز قِرَاءَة الْقُرْآن مُضْطَجِعًا وَمُتَّكِئًا عَلَى الْحَائِض وَبِقُرْبِ مَوْضِع النَّجَاسَة. اهـ.
وهذا الحديث وإن دل على الجواز، فلا شك أن الأفضل أن يجلس لقراءة القرآن متطهرا مستقبل القبلة.
وأما الوقوف احتراما للأذان: فقد ذكر بعض الفقهاء أنه يندب القيام عند سماع الأذان، كما قال في رد المحتار من كتب الحنفية: وَيُنْدَبُ الْقِيَامُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ. اهـ
وقال ابن عابدين في حاشيته: وَقَدْ أَخْرَجَ السُّيُوطِيّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَقَالٌ: إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُومُوا فَإِنَّهَا عَزْمَةٌ مِنْ اللَّهِ. اهـ.
وهذا الحديث قال عنه الألباني: موضوع ـ لأن في إسناده الوليد بن سلمة الطبراني، وهو كذاب. اهـ
ثم إن المعنى يحتمل أن المراد بالنداء هنا الإقامة أي إذا سمعتم المؤذن يقول قد قامت الصلاة، فقوموا. قاله المناوي في فيض القدير.
والذي دلت عليه السنة الثابتة هو قيام المؤذن عند الأذان، لا قيام السامع، كما في حديث: يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ. متفق عليه من حديث ابن عمر.
قال في أسنى المطالب: وَيُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ.. اهـ.
والله أعلم.