السؤال
هل يصح للمرأة أن تؤذن للصلاة إن لم يوجد غيرها لأداء الأذان؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النساء لا يجب عليهنَّ أذان ولا إقامة عند عامة أهل العلم. قال ابن قدمة: ولا أعلم فيه خلافا. فإذا أحبت المرأة أن تؤذن لنفسها أو لجماعة من النساء معها جاز ، ولا ترفع صوتها فوق ما تسمع نفسها وصواحبها. ولكن لا يشرع لها أن تؤذِّن لدعوة الناس إلى صلاة الجماعة باتفاق العلماء، وأقوالهم في ذلك تدور بين التحريم والكراهة.
قال الكاساني الحنفي: (فيكره أذان المرأة باتفاق الروايات؛ لأنها إن رفعت صوتها فقد ارتكبت معصية، وإن خفضت فقد تركت سنة الجهر).
وأما المالكية فنقل صاحب مواهب الجليل عن صاحب الطراز : أن ظاهر المذهب كراهة التأذين للمرأة، ونقل عن صاحب القوانين أن أذانهنَّ حرام، وعن ابن فرحون أن الأذان ممنوع في حقهن. وفي الفواكة الدواني: (فأذانها بحضرة الرجال حرام، وقيل مكروه).
وقال الشافعي في الأم: (ولا تؤذن امرأة، ولو أذنت لرجال لم يجز عنهم أذانها).
وقال في المغني : ولا يعتد بأذان المرأة؛ لأنها ليست ممن يشرع له الأذان.
والراجح من أقوال أهل العلم حرمة تأذين المرأة للرجال؛ لأن ذلك من المحدثات التي لا تعرف عن السلف، ولما في ذلك من التعرض للفتنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". متفق عليه.
وقد اختلف العلماء، هل إذا أذنت المرأة كما يؤذن الرجال هل يصح أذانها أم لا ؟ على قولين:
القول الأول: لا يصح أذانها، وهو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة. قال الخرشي في شرح مختصر خليل: (ولا يصح من امرأة). ، ونحوه في الفواكه الدواني، وقال في المجموع : (فإذا أذنت للرجال لم يعتد بأذانها).
وقال في الإنصاف: (لا يعتد بأذان امرأة).
القول الثاني: صحة هذا الأذان مع الكراهة، وهو مذهب الحنفية. قال في المبسوط: (وقال الكاساني: ولو أذنت للقوم أجزأهم حتى لا تعاد لحصول المقصود). يعني أن المقصود الإعلام وقد حصل، وهو قول بعض الحنابلة، كما في الفروع، وهو وجه عند الشافعية، كما في المجموع، وبعض المالكية، كما في الفواكه الدواني وقد تقدم، وعند الحنفية: إذا أذنت المرأة استحب أن يعاد الأذان.
والصحيح الذي لا ينبغي العدول عنه هو مذهب الجمهور وهو عدم أذان النساء للرجال لأن ذلك من المحدثات، ولم يكن في السلف، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة؛ ولأن المؤذن يستحب له أن يشهر نفسه ويؤذن على المكان العالي ويرفع صوته، والمرأة منهية عن ذلك كله لما في ذلك من تعرضها وتعرض الرجال للفتنة بها ، ولهذا جعل النبي عليه الصلاة والسلام: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء". متفق عليه. وأمرت النساء بالقرار في البيوت.
ومما تقدم تعلم عدم صحة أذان المرأة للرجال ولو لم يوجد غيرها لأداء الأذان.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني