الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق البنات في إرثهن من أبيهن لا يسقط بتنازل أمهن عن حقها

السؤال

سبق أن قدمت لكم سؤالًا عن إرثي لزوجي، فأجبتم أن الخمس بنات لهن 80 سهمًا، والأم (أنا) لي 15 سهمًا، والأب (أبو زوجي) له 20 سهمًا، وأمه 20 سهمًا.وبعد أن أعطتني الدولة ميراث البيت، وأرسلوا لي أنك الزوجة، والزوجة بقانون الدولة الوريثة الوحيدة لزوجها إن لم يكن لها ولد، قام أخو زوجي البكر ووالداه بتزوير إمضائي مع محام زميل لهم أني تنازلت عن البيت.الآن أريد الاستفسار: هل في هذه الحالة تخسر بناتي ما كتب الله لهن من نصيب من الميراث بعد الإمضاء المزور؟ وهل يجوز الدعاء عليهم بـ: "اللهم إني مظلوم فانتصر"؟ علمًا أني من الأساس لا أريد من البيت إلا ما يأمرني به الله، وأعلم أنه لا أحد يأخذ بيتًا أو قصرًا إلى القبر، ولكن حقي الشرعي وحق بناتي لن أتنازل عنه أبدًا.وأريد أن أفهم ما يعني بالضبط 80 سهمًا للبنات؟ وهل بعد موتي تجمع الـ 80 سهمًا مع الـ 15 سهمًا الذي ورثتهم من زوجي؟ وهل يجب على كل من تموت زوجها أن تعمل حصر إرث لتفهم ما لها وما لهم؟ وهل بعد أن أزوّج بناتي أعود إلى بيت أبي للسكن فيه أم أنا مخيرة في الشرع بين الرحيل والبقاء؟ علمًا أني أشكو الكثير من المشاكل من أم زوجي؛ دائمًا ما تسكب لي السحر على الدرج، ولا أعلم ما نيتها من ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن حق بناتك في الإرث لا يسقطه تنازلك عن البيت حقيقة أو تزويرًا؛ فأنت أصلًا لا تملكين حق التنازل عن ميراثهن؛ لأنهن إن كن بالغات رشيدات فلا يصح التصرف في مالهن إلا بإذنهن، وإن كن صغيرات أو نحو ذلك فليس لك أيضًا التصرف في مالهن إلا إذا كنت وصية من قبل الأب أو القاضي الشرعي، والوصيّ لا يجوز تصرفه إلا وفق المصلحة للموصى عليه؛ قال النووي في المنهاج: ويتصرف الوليّ بالمصلحة. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للوليّ أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط؛ لحديث: لا ضرر ولا ضرار. اهـ.

فتحصل منه: أن حق بناتك في البيت ثابت، ولا يؤثر فيه تنازلك عن حقك برضاك أو بغير رضاك.

وأما بالنسبة لك: فما دمت لم تتنازلي عن حقك في البيت برضاك وطيب نفسك، فإن قيام والد زوجك وأخيه بما فعلا يعد ظلمًا لك، واعتداء على حقك، وهو مبيح للدعاء عليهما بما ذكرت؛ فإن الدعاء على الظالم مشروع بشرط أن لا يكون فيه اعتداء، وقد قال الله تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء:148}. قال ابن كثير في تفسيره: قال ابن عباسٍ في الآية: يقول: لا يحب الله أن يدعو أحدٌ على أحدٍ، إلا أن يكون مظلومًا، فإنّه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: (إِلّا مَنْ ظُلِمَ)، وإن صبر فهو خيرٌ له. اهـ.

وروى أبو داود -وصححه الألباني-: أن عائشة -رضي الله عنها- سُرِقَتْ مِلْحفةٌ لَهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى مَن سَرَقَهَا، فَجَعَلَ النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: لَاْ تُسَبِّخِي عَنْهُ. قال الصنعاني: ومعناه: لا تخففي عنه الإثم الذي يستحقه. اهـ.

وأما عن باقي أسئلتك: فنرجو إعادة إرسالها بشكل مستقل وفق النظام المتبع لدينا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني