السؤال
أنا بدر الدجى من الهند، عمري خمس وعشرون سنة، أشتغل في بنك دبي التجاري من الخارج في الهند (Offshore)، وعملي في البنك الترجمة من الأوراق العربية إلى الإنجليزية، والعمل الثاني: الاستفسار والتحقيق مع العميل عبر الهاتف لطلب القرض الشخصي، وبطاقة الائتمان، وتمويل السيارة. أحيطكم علمًا أن البنك يشتمل على معاملات ربوية، وغير ربوية، وهذا يتوقف على اختيار العميل، فعنده خيار أن يأخذ القرض الإسلامي، أو غير الإسلامي، وكذلك جميع المعاملات في البنك، فهل يجوز عملي في هذا البنك، أو البنوك الشبيهة به، التي تتعامل بالقروض الإسلامية وغير الإسلامية؟ وأفيدكم علمًا أنني متخرج من الجامعة، ومتخصص في الحديث أيضًا، وأشعرُ أن عملي لا يناسب في هذا المكان، ولكن لطمأنينة القلب سألتكم هذا السؤال، وإذا كان لا يجوز عملي هنا فهل يجب عليّ أن أترك العمل مباشرة أم كيف؟ أرجو وأتمنى الجواب الصحيح على ضوء القرآن، والسنة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان عملك في البنك في المعاملات الشرعية، فلا بأس.
أما المعاملات التجارية المحرمة، فلا يجوز لك العمل فيها، وكذا إن كان عملك في المباح، وغير المباح ولو كان بترجمة عقد، أو كتابته، ونحو ذلك من وجوه الإعانة على الربا؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، وقوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الربا: آكله، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. يعني في الإثم. رواه مسلم.
وحيث حرم العمل فيلزمك الإقلاع عنه فورًا، إلا إذا كنت لا تجد وسيلة لكسب نفقتك، ونفقة من تعول إلا من ذلك العمل، فلك البقاء فيه حينئذ حتى تجد وسيلة مباحة، تدفع بها تلك الضرورة، مع لزوم البحث عن غيره، والضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة، بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، وتوابعها، ويتعين، أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته؛ دفعًا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى من نظرية الضرورة الشرعية.
و اعلم أن من اتقى الله، فلن يضيعه الله، بل ييسر أمره، ويرزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.
والله أعلم.