الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طرق إصلاح الزوجة غير المحجبة

السؤال

أنا بحمد الله منّ الله علي بطريق الهداية، وهداني إلى صراطه المستقيم قبل ثمان سنوات. وقد بدأت في طريق طلب العلم -والحمد لله- حفظت كتاب الله، وصحيح البخاري ومسلم، وأنا الآن بدأت في حفظ السنن. لدي رغبة وطموح أن أكون عالماً في علم الشريعة. كنت أبحث عن زوجة صالحة تعينني على هذا الطريق، وتأخذ بيدي إلى ما يحب الله ويرضى، فبحثت وكنت حريصاً أن أتزوج من قبيلتي، ولكن من بيت لا يعرفوننا قبل ذلك. وذلك أن والدي قد هجر أمي، ولا يهتم بنا كثيراً لأجل زوجته الثانية.
فوقع الاختيار على فتاة من قرية مجاورة لنا، وقالوا لي إنها متدينة، فتمت الرؤية، وتم العقد عليها. بعد ذلك، وأثناء حديثي معها تبين لي أنها غير ملتزمة، ولكنها مستورة الحال، فكان ذلك صدمة لي حيث كنت مؤملاً أن اتزوج من تعينني على الطاعة. والآن قد تزوجت وهي معي، وهي جيدة في أمور البيت، ومحبة لي، وقانعة بي، وترى أنها قد ظفرت بمن كانت تتمناه -على حد قولها- وقد أعجزني إقناعها بالحجاب الشرعي الذي أريد فترفض وتتهرب وحجابها برقع وعباءة الكتف لكن لديها"الشيلة " طويلة وتغطي الكتفين والصدر، كلما نظرت إليها تذكرت أني كنت في سعة من أمري لو أني تريثت، وأخذت امرأة محجبة بالحجاب الذي أريد، وكانت عوناً أي على الطاعة. فأنا الآن أخرت الحمل حتى أرى ماذا أفعل؟ فقد -والله- كرهت الحياة لهذا السبب. أرى أني لو فارقتها فأنا ظالم لها؛ لأني لم أفارقها من البداية، وإن أبقيتها فانا في عذاب. فما الحل؟ مع أنها وعدتني بأن تغير من حالها، ولكن قالت لي أن أصبر عليها.
وهل إذا ذهبت وخرجت بها وهي كذلك أكون عاصيا وهل أنا آثم إذا كلمتها في حجابها ولم تسمع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن اللباس الشرعي للمرأة المسلمة له مواصفات معينة، فإن تحققت في أي لباس كان حجابا شرعيا، وقد أوضحناها في الفتوى رقم: 6745. فإن كانت زوجتك مفرطة في لباسها في بعض هذه المواصفات فهذا أمر منكر منها.

والمطلوب أولا: الصبر عليها، فالصبر عاقبته خير بإذن الله، وانظر في فضله الفتوى رقم: 18103.

ثم عليك بالدعاء بأن يصلح الله شأنها، فالدعاء من أفضل ما يحقق به المسلم مبتغاه، والله عز وجل قد وعد بإجابة السائلين، كما قال في كتابه العزيز: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، وللمزيد راجع آداب الدعاء في الفتوى رقم: 119608.

واحرص أيضا على مناصحتها بالحسنى ترغيبا وترهيبا، ويمكنك أن تستعين عليها ببعض من ترجو أن تقبل قولهم عسى الله أن يجعلكم سببا في صلاحها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. متفق عليه.
وإن طلقتها فلا تكون بذلك ظالما لها؛ لأن الطلاق مباح، وخاصة إن دعت إليه حاجة. ولكن لا تعجل إليه، بل أبقها ما رجوت صلاحها. فإن غلب على ظنك عدم صلاحها، ففراق المرأة المفرطة في دينها مستحب، وانظر في ذلك فتوانا رقم: 43627.

ولا يجوز لك أن تأذن لزوجك بالخروج متبرجة معك أو مع غيرك، فإن فعلت كنت آثما؛ فإنك مأمور شرعا بمنعها مما فيه فسادها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، قال السعدي في تفسيره: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني