السؤال
كنت أسمع العديد من أصدقائي ومعارفي يرددون مقولة: آه لو لعبت يا زهر ـ كطريقة منهم للتعبير عن سوء الحال وندب حظوظهم في الحياة وتذمرهم من الواقع، ولم أكن ألقي لهذه المقولة بالا في بداية الأمر، إلى أن أصبحت تتردد هذه الجملة على أذني كثيرا، حتى ركبت في يوم مع سائق تاكسي وكان يستمع إلى أغنية ما، وكان المغني يردد ذات المقولة، ومما فهمته من سياق الأغنية أن المغني ناقم على وضعه المادي وحظه في الحياة وسخطه على الناس، فجال في خاطري أن أحوالنا جميعا وحياتنا هي ما قضاه وكتبه الله عز وجل لنا، وأن المغني ليس فقط ساخطا على قضاء الله وقدره، بل هناك تشبيه لقضاء الله وقدره لنا بلعبة الزهر أو النرد المبنية على عشوائية النتائج والتي من شأنها التشكيك والتقليل من شأن إرادة الله عز وجل وحكمته في قضائه وقدره لنا، وأن القضاء والقدر هو مجرد لعبة حجر نرد تصيب وتخطئ.. دون أن يكون هناك أدنى حكمة من اختيار الله عز وجل وأن الحياة مجرد لعبة عشوائية... فهل أنا مخطئ أم مصيب؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبارة تتضمن محذورين كما أشار الأخ السائل:
الأول: سب القدر، وذلك بتشبيه القضاء والقدر بلعبة الزهر عن طريق الاستعارة، بجامع العشوائية والعبثية والخلو من الحكمة.
الثاني: التسخط والتذمر مما قضاه الله وقدره على العبد، وإذا كان العبد منهيا عن الاعتراض عن القدر بمجرد قول: لو أني فعلت كذا لكان كذا ـ فكيف إذا اجتمع التسخط من القدر، مع وصفه بالعشوائية، قال ابن تيمية: ولو تستعمل على وجهين:
أحدهما: على وجه الحزن على الماضي والجزع من المقدور، فهذا هو الذي نهى عنه، كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم {آل عمران: 156} وهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ـ فإن ـ اللو ـ تفتح عمل الشيطان ـ أي تفتح عليك الحزن والجزع، وذلك يضر ولا ينفع، بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، كما قال تعالى: ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه {التغابن: 11} قالوا: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. اهـ.
وعليه؛ فيجتنب مثل هذه العبارة، وراجع لمزيد بيان الفتاوى التالية أرقامها: 301210، 163213، 311629.
والله أعلم.