الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يشترط لجمع التأخير حصول نية الجمع في وقت الأولى

السؤال

ركب معي أحد الزّبائن، وطلب منّي توصيله لمكانٍ مَّا، وكان ذلك قبل دخول وقت صلاة المغرب بوقتٍ قليلٍ؛ فوافقت على ذلك، وكان في اعتقادي أنّي سأتمكّن -بإذن الله- من توصيله قبل صلاة العشاء بوقتٍ كافٍ، يسمح لي بأداء صلاة المغرب في وقتها، ولكن للأسف كان الزّحام شديدًا، واقترب وقت العشاء من الدّخول، ولا يمكنني بالطّبع أن أطلب منه أن ينتظر في السيّارة؛ حتّى أصلّي المغرب، وأعود إليه.
فعندما وصلنا إلى المكان المطلوب، تبقّى وقتٌ يسيرٌ على دخول وقت العشاء، وحاولت أن أسرع وأركن السيّارة في أي مكانٍ؛ حتّى أصلّى المغرب، ولكن عندما وجدت -أخيرًا- مكانًا لركن السَيَارة، كان وقت العشاء قد دخل، فذهبت إلى المسجد، وصلّيت المغرب، وراتبته، وانتظرت حتّى أقاموا صلاة العشاء؛ فصلّيت العشاء في جماعةٍ، وبعدها راتبتها.
فما الحكم فيما فعلته؟ وهل أنا معذورٌ في إخراجي الصَلاة عن وقتها، أم إني مقصّرٌ وآثمٌ؟
وعندما صلّيت المغرب لم أنوِ جمع الصّلاتين معًا جمع تأخيرٍ، وكذلك انتظرت قليلًا بعد صلاة راتبة المغرب؛ حتّى أصلّى العشاء في جماعةٍ. فهل كان يلزمني أن أنوي الجمع قبل صلاة المغرب، وكذلك الموالاة بين المغرب وراتبته، والعشاء وراتبتها؟
وإذا طُلِبَ منّي بعد هذا توصيل أحد الزّبائن، ولكنّ ذلك يضيّع عَلَيَّ صلاة الجماعة في المسجد، كما حدث معي في صلاة المغرب. فهل أرفض طلبه؛ حتّى لا تفوتني الجماعة الواجبة في المسجد، أم إنّ ذلك عذرٌ يبيح لي ترك الجماعة؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أثمت بتعمدك تأخير صلاة المغرب حتى خرج وقتها، وصلاتك التي صليتها قضاء لا أداء، وقد برئت بها ذمتك، ووجب عليك التوبة إلى الله تعالى. وكان الواجب عليك إذا خشيت فوات وقت الصلاة أن تتوقف وتصلي، وكان بوسعك أن تدعوه للصلاة معك؛ لئلا تفوته الصلاة هو أيضا، وإن لم يكن يسعك ذلك، فكان يسعك الأخذ بقول من يجيز الجمع بين الصلاتين للحاجة، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 142323، وحينئذ فتنوي الجمع قبل تضيق وقت الأولى، وتجمعها مع الثانية جمع تأخير، وإذ لم تفعل، فلست جامعا بين الصلاتين والحال ما ذكر، بل صلاتك هذه قضاء؛ لأن شرط جمع التأخير حصول نية الجمع في وقت الأولى، ولا تلزم الموالاة في جمع التأخير، وانظر الفتوى رقم: 119260، ورقم: 131493.

وإذا علمت هذا، تبين لك أن صلاتيك كلتيهما صحيحتان، وأن عليك التوبة وعدم العودة لمثل هذا الصنيع، ثم اعلم أن الجماعة -وإن كانت واجبة- لكنها لا تجب في المسجد عند أكثر الموجبين لها، وانظر الفتوى رقم: 128394، ومن ثم فلا حرج عليك في نقل الزبائن، وإن فاتتك الجماعة في المسجد، لكن عليك أن تتحرى الصلاة في جماعة بقدر الإمكان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني