السؤال
لو طلب مني شخص إيصاله لمكان ليس في طريقي، فهل يمكنني أن أرفض إيصاله، ولو كان رجلًا كبيرًا في السن؟
فكثيرًا ما أحرج بأن يطلب مني خالي أن أوصله لمنزله، ومنزله ليس في طريقي، أو منطقتي، وأحيانًا بسبب الازدحام المروري يأخذ ذلك مني ساعة، وإن ذهبت إلى منزلي فيأخذ مني ذلك أقل من 10 دقائق، ووالدتي أحيانًا تحرجني، وتوافق على إيصاله، وهو يقول: بما أنني في طريقكم فخذوني إلى منزلي؛ لكي يريح ابنته من أن توصله، لكنها تعيش في منطقتي أيضًا؛ لذا لا بد أن يعرف أن الطريق متعب عليّ أيضًا، فهل أكون فظًّا لو رفضت إيصاله؟ وهل يجوز أن أرفض توصيله؟ فأحيانًا أعود إلى منزلي قبل انتهاء تجمع الأهل لكوني متعبًا، لكن أتفاجأ بإيصاله، فأرهق أكثر بتوصيله، فأفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك شرعًا حمل هذا الرجل، وإيصاله إلى بيته، وخاصة مع وجود من يمكنه أن يحمله، وهي ابنته كما ذكرت، ولا تكون فظًّا إن رفضت حمله، ولا يلزمك طاعة أمك إن أمرتك بحمله؛ لأنها لا مصلحة لها في ذلك، ولما في حمله من المشقة عليك، كما ذكرت، وطاعة الوالدين تجب فيما فيه مصلحة لهما، ولا مشقة على الولد، كما بيناه في الفتوى رقم: 76303.
ومع هذا؛ فمهما أمكنك أن تحمله، فافعل؛ فإنك بذلك تبر أمك، وتكسب رضاها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تكون قد امتثلت ما جاء به الشرع في حثه على المواساة، ومساعدة المحتاج، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر، فليعد به على من لا ظهر له؛ ومن كان له فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له»، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: في هذا الحديث الحث على الصدقة، والجود، والمواساة، والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب. اهـ.
والله أعلم.