السؤال
ما حكم من لم يكن يعلم عقوبة المعصية؟ فقد علمت مؤخرا أن تأخير الصلاة عن وقتها يعتبر كفرا عند بعض الأئمة. وأنا كنت أؤخرها قبل ذلك كثيرا.
وهل يجوز تأخير الصلاة بسبب الكلية ومشاغلها ومحاضراتها؟
ما حكم من لم يكن يعلم عقوبة المعصية؟ فقد علمت مؤخرا أن تأخير الصلاة عن وقتها يعتبر كفرا عند بعض الأئمة. وأنا كنت أؤخرها قبل ذلك كثيرا.
وهل يجوز تأخير الصلاة بسبب الكلية ومشاغلها ومحاضراتها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا نوعان من الجهل، أحدهما: الجهل بالحكم الشرعي، وهو عذر لمن لم يقصر في التعلم، فإن الله لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه.
وأما الجهل بالعقوبة مع العلم بالحكم الشرعي؛ كالجهل بعقوبة تأخير الصلاة عن وقتها مع العلم بتحريمه فليس عذرا، فإن الجهل الذي يعذر به المكلف هو الجهل بالحكم، وأما الجهل بما يترتب على الحكم أي الجهل بالعقوبة فلا أثر له؛ ولذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد على ماعز، مع أنه كان جاهلا بأن عقوبة الزاني المحصن هي الرجم.
قال ابن القيم ضمن فوائد قصة ماعز: وفيه: أنَّ الجهل بالعقوبة لا يُسقِط الحدَّ إن كان عالماً بالتحريم، فإنَّ ـ ماعزاًـ لم يعلم أنَّ عقوبته القتل، ولم يُسقط هذا الجهلُ الحد عنه. انتهى.
والصحابي الذي ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة لإقدامه على الجماع في نهار رمضان كان جاهلا بوجوب الكفارة، ولم يؤثر ذلك في إسقاطها عنه.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: فإن قال قائل: الرجل الذي جاء إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم أليس جاهلاً؟ فالجواب: هو جاهل بما يجب عليه، وليس جاهلاً أنه حرام، ولهذا يقول: هلكت ـ ونحن إذا قلنا إن الجهل عذر، فليس مرادنا أن الجهل بما يترتب على هذا الفعل المحرم، ولكن مرادنا الجهل بهذا الفعل، هل هو حرام أو ليس بحرام؟ ولهذا لو أن أحداً زنا جاهلاً بالتحريم، وهو ممن عاش في غير البلاد الإسلامية بأن يكون حديث عهد بالإسلام، أو عاش في بادية بعيدة لا يعلمون أن الزنا محرّم فزنا، فإنه لا حدّ عليه، لكن لو كان يعلم أنّ الزنا حرام، ولا يعلم أن حده الرجم، أو أن حده الجلد والتغريب، فإنه يحد، لأنه انتهك الحرمة، فالجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، والجهل بالفعل، هل هو حرام أو ليس بحرام؟ هذا عذر. انتهى.
وإذا علمت هذا، فالعلماء مختلفون في حكم من أخرج الصلاة عن وقتها عمدا بعد اتفاقهم على أن معصيته شر من الزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس، والجمهور على أنه لا يكفر بذلك كفرا ينقل عن الملة، وانظر الفتوى رقم: 130853.
والحاصل أن الواجب عليك التوبة النصوح مما ألممت به من الذنب العظيم، وألا تعود لمثله، واعلم أن توبتك تمحو عنك أثر هذا الذنب، فلا تستحق العقوبة؛ لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لك إخراج الصلاة عن وقتها لشغل كائنا ما كان هذا الشغل، وإنما يجوز لك الجمع بين مشتركتي الوقت للحاجة؛ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 142323، وما لم تكن لك رخصة في الجمع، فلا بد من فعل الصلاة في وقتها على أي حال كنت؛ فإن الصلاة لا تسقط عن المكلف بحال.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني