الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموازنة بين إكمال الدراسة والزواج

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، أعاني من مشكلة منذ فترة، وهي كالتالي:
أنا شاب شديد الشهوة، استثار من أبسط الأشياء، مع العلم أني لا أنظر إلى النساء قدر المستطاع، ولا أتابع المسلسلات والأفلام، أو أي شيء من هذا القبيل، لكني وقعت أكثر من مرة في الإباحية والعادة السرية، وكنت في كل مرة أستغفر الله، وأندم ندمًا شديدًا، وأنوي عدم الرجوع، وبعد فترة لا ألبث أن أقع مرة أخرى، وفي كل مرة أتوب، وقد تكرر معي هذا الأمر عدة مرات، وكنت أتوب توبة صادقة من قلبي، وأنوي عدم الرجوع، لكن تضعف نفسي فجأة، وأجد نفسي قد رجعت لنفس المصيبة، مع العلم أني أحاول أن أصلي صلاتي في المسجد قدر الإمكان، وأصلي النوافل، وأصوم، وألعب الرياضة؛ محاولًا طرد الشهوة، ومعروف عني بين الناس حبّي للدين، وتمسكي به، ورفضي للعديد من الأمور المحرمة التي يسقط فيها الناس؛ كالغناء، والأفلام والمسلسلات، لكن في الآونة الأخيرة حدث أمر قلب حياتي رأسًا على عقب، وهو أني أثناء دورة تدريبية كنت قد التحقت بها، عرفت فتاة أسرت قلبي بشكل غريب ومفاجئ، مع العلم أنها تكبرني بسنة واحدة، لكني أجد فيها كل ما يمكن أن أتمناه في فتاة، فهي ذات جمال شديد، ومتدينة، وحافظة لكتاب الله، ولا أراها إلا زوجة لي، ولا أستطيع التوقف عن التفكير فيها منذ سنة من معرفتي إياها، وأنا أحاول ذلك، ولم يحدث بيننا أي معاملة محرمة، أو خارج حدود الدين، كما أنها لا تعرف هذا الكمّ من الإعجاب الشديد الذي تحظى به في قلبي، وأنا من عائلة ذات وضع، ومقتدر، وقادر على الزواج وإكمال تعليمي الجامعي إلى جانب تعليم زوجتي، لكن المشكلة الكبيرة تكمن أني من عائلة ترفض بشدة تزويجي قبل تخرجي من الجامعة، إلى جانب الرفض الشديد لكون الزوجة أكبر من الزوج؛ ظانين أن الزوج سيبحث عن غيرها في المستقبل.
فسؤالي بالمختصر: هل أعرض أمري على أهلي، وأعترف بحبي الشديد لهذه الفتاة، أم أنتظر إلى ما بعد التخرج؟ مع العلم أنها قد تكون -وهذا على الأغلب- قد تزوجت حينها. وشكرًا جزيلًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على حذرك من النظر للنساء قدر المستطاع، وكذا اجتناب مشاهدة المسلسلات والأفلام، فجزاك الله خيرًا، وزادك هدى وتقى وصلاحًا، وثبّت على الحق قلبك، ورزقك حسن الختام، والبعد عن الآثام.

وقد أحسنت بتوبتك من الذنوب التي وقعت فيها، وإن ضعفت نفسك، ورجعت للذنب مرة أخرى، فلا تيأس، بل تب مرة أخرى كلما تكرر ذلك منك مرات، وانظر الفتوى رقم: 57184.

وجاهد نفسك، واجتهد في العمل على كل ما يبعث على العفة، وخاصة الصوم، كما جاء في السنة النبوية في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.

وإذا أمكنك الزواج من هذه الفتاة، فهو أفضل، روى ابن ماجه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

والدراسة ليست مانعًا شرعًا ولا عادة من الزواج، وكذا فارق السن، وكونها أكبر منك سنًّا، خاصة وأن الفارق ليس بالكبير؛ فاجتهد في محاولة إقناع أهلك، ووسّط لهم بعض أهل الفضل؛ ليبينوا لهم أن الزواج قد يكون معينًا على النجاح؛ لكونه سببًا للاستقرار النفسي، عسى الله أن يوفقهم إلى إقناعهم.

فإن تم ذلك وتيسر الزواج، فبها ونعمت، وإلا فاصبر حتى تكمل الدراسة.

وإن فاتك الزواج منها، فالنساء غيرها كثير. وكيفية علاج العشق بيناها في الفتوى رقم: 9360.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني