السؤال
تقدم لخطبتي شاب منذ فترة، وكان قد صارحني بماضيه؛ فتقبلته من باب التسامح، وإعطائه فرصة، ومساعدته على التغير، ووعدته بالوقوف إلى جانبه. ولكني أخفيت ماضيه عن أهلي خوفا من رفضهم له، دائما ما أُمَنِّي نفسي بتغيُّره، ولكنه لا زال بعيدا عن الدين، ولم تتغير سلوكياته السيئة، وأشك في خيانته لي، أشعر بالخوف من تأثير ماضيه وسمعته على حياتي وأولادي مستقبلا، ولا أشعر بالراحة من إخفاء ماضيه عن أهلي، لا أشعر بالراحة من اختياري.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشاب قد أخبرك بما وقع فيه من المعاصي، فقد أساء؛ فإن الواجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، ويستر على نفسه، ولا يفضحها.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين. وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه.
قال الغزالي في إحياء علوم الدين تعليقا على هذا الحديث: وهذا لأن من صفات الله ونعمه أنه يظهر الجميل، ويستر القبيح، ولا يهتك الستر، فالإظهار كفران لهذه النعمة. وقال بعضهم: لا تذنب، فإن كان ولا بد فلا ترغب غيرك فيه، فتذنب ذنبين؛ ولذلك قال تعالى: ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف). وقال بعض السلف: ما انتهك المرء من أخيه حرمة أعظم من أن يساعده على معصية، ثم يهونها عليه. اهـ.
وقد أرشد الشرع الحكيم إلى تزويج صاحب الدين والخلق، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه؛ فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
فاعتبري بحاله الآن، فإن تاب إلى الله عز وجل، واستقام على طاعته، فذاك. وإلا فبادري إلى فسخ الخطبة، فالخطبة مواعدة يحق لأي من الطرفين فسخها متى شاء، كما هو مبين في الفتوى: 18857. وفسخها أهون من أن يتم الزواج، ويكون بعده الخصام والطلاق.
ولا تخبري أهلك عن أمر معاصيه، ولكن إن سئلت عن سبب فسخ الطلاق، فأخبريهم بأنه لا يصلح، أو أنه غير مرضي في دينه ونحو ذلك، مما يكون فيه نوع من التلميح، والبعد عن التصريح.
والله أعلم.