الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضابط الشرعي في مسألة الظفر بالحق

السؤال

عملت في شركة في بلد عربي، ونقلت عليهم كفالة، وبدأت معهم في بدايتهم إلى أن توسعوا، وخلال فترة عملي تم تأسيس أكثر من فرع للشركة، كنت أنا وزميل لي المسئولين المباشرين عن متابعة أمورها، مع عدم وجود تقدير ماديٍّ كما يجب، ووعود دائمة بالصبر وتحسين الأوضاع، مع تحملنا فوق طاقتنا من أعمال رغم أنه وعدنا عند نقل الكفالة بالتقدير الماديَّ، ولم يحدث، ويتم تكليفنا بكثير من الأعمال فوق طاقتنا. فأنا على سبيل المثال يتم تكليفي بأكثر من ست أو سبع مهام، كل منها تحتاج موظفا، وفي كل مرة أطلب زيادة راتب ويرفض، أو يعطينا في أضيق الحدود، ولما توسعت أعماله استقدم أصحابه، وطلب مني تدريبهم وتعليمهم طرق العمل، ثم عيَّن أحدهم مديرا عليَّ، والآخر نائبا له، وبراتب ضعف راتبي؛ رغم أنه نفسه يقول دائما إني أكفأ شخص بالمؤسسة في عملي، هو يعترف أنني الأفضل، لكن لا يساويني بمن استقدمهم، ووفَّر لهم كل شيء، ويعطيهم كافة حقوقهم وزيادة، ولما ضاق بي الحال بحثت عن عمل آخر براتب أفضل، وبوضع أفضل، وطلبت نقل الكفالة، فرفض، فطلبت زيادة لراتبي فرفض. علما أنه هو شخصيا وأصدقاؤه يأخذون كافة حقوقهم ومكافآتهم. فهل لو أخذت من مال الشركة يعتبر ظفرا بالحق أم سرقة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من أموال الشركة دون إذن صاحبها، فإنّ ذلك خيانة للأمانة، وليس من الظفر بالحق الذي يقول به بعض العلماء، فالقائلون بمسألة الظفر يشترطون أن يكون الحقّ ثابتاً، ولم يتمكن صاحبه من استيفائه بغير هذه الوسيلة.

أمّا كونك ترى أنّك تستحق راتباً أعلى، وحقوقاً أكثر نظير عملك، فهذا لا يسوّغ لك خيانة الأمانة، فالعبرة في هذه الأمور بالعقد الذي بينك وبين صاحب العمل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: كمن يستعمل على عمل بجعل يفرض له، ويكون جعل مثله أكثر من ذلك الجعل، فيغل بعض مال مستعمله بناء على أنه يأخذ تمام حقه، فإن هذا حرام؛ سواء كان المستعمل السلطان المستعمل على مال الفيء والخراج والصدقات وسائر أموال بيت المال، أو الحاكم المستعمل على مال الصدقات وأموال اليتامى والأوقاف أو غيرهما كالموكلين والموصين، فإنه كاذب في كونه يستحق زيادة على ما شرط عليه كما لو ظن البائع، أو المكري أنه يستحق زيادة على المسمى في العقد بناء على أنه العوض المستحق، وهو جائز أيضا لو كان الاستحقاق ثابتا. انتهى من الفتاوى الكبرى لابن تيمية.

وعليه، فإنّك إذا طالبت صاحب العمل بزيادة الراتب، وسلكت السبل المشروعة في سبيل ذلك ولم يرض؛ فإما أن تبقى معه على هذه الحال وتؤدي الأمانة، وإمّا أن تتركه، وتبحث عن عمل آخر، ولو في بلد غير هذا البلد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني