الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تحضر الأعراس بسبب المنكرات وتخاف ألا يشاركها أحد في أفراح أولادها

السؤال

أود أن أسأل بخصوص حضور مناسبات الأعراس غير الإسلامية، بالنسبة لي انقطعت عنها منذ سبع سنين تقريبًا، عدا عرس أخت زوجي أو أخي، وأقوم عوضاً عن ذلك بالمباركات، الآن أنا ثابتة الحمد لله لكن أشعر بالحزن، والحرج أحياناً من عائلتي، وعائلة زوجي، وخاصة عندما كبر أطفالي، وتعلموا في المدارس مشاركة الجار الأفراح والأحزان.. وابنتي تلومني أحياناً مع أني أشرح لها حكم سماع الأغاني، والرقص الخليع.. دائمًا أدعو الله أن يعوضني خيراً، والأمر مرهق، ويحتاج مجاهدة للنفس، وأحيانًا أفكر، وأشعر بالحزن عندما أرسم مستقبل أبنائي، وأخاف ألا يشاركني أحد فرحة زواجهم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على حرصك على الالتزام بأحكام الشرع فجزاك الله خيرا، ونسأله سبحانه أن ينبت أبناءك نباتًا حسنًا، ويرزقهم التقوى والصلاح، ويجعلهم قرة عين لك.

ومثل هذه المناسبات التي تشتمل على بعض المنكرات كالغناء المحرم لا يجوز حضورها، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 286510.

وهذا الأمر يحكم فيه الشرع، ولا تحكم فيه العاطفة، فما جاء به الشرع يجب التسليم له والطاعة فيه، فإذا أشعرك الشيطان بالحزن، فاستشعري أنك على الطريق الصحيح، وإذا أشعرك بأنه قد لا يشاركك الناس مستقبلًا أفراح أبنائك فتذكري قول الله عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}.

وكذلك الحديث الذي رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.

هذا مع العلم بأنه يمكنك البحث عن سبيل للمشاركة في الوقت الذي تنتفي فيه المنكرات، وكذا إذا أمكنك أن تكوني في مكان لا ترين فيه المنكر ولا تسمعينه، فلا بأس بالحضور والحالة هذه.

وانظري الفتوى 233377.

وبالنسبة للأبناء إذا ربوا على الفضيلة نشؤوا عليها، وكرهوا الرذيلة، وسهل انقيادهم لأحكام الشرع، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر.

قال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين: اعلم أن الصبي أمانة عند والديه، وقلبه جوهرة ساذجة، وهي قابلة لكل نقش، فإن عود الخير نشأ عليه، وشاركه أبواه ومؤدبه في ثوابه، وإن عود الشر نشأ عليه، وكان الوزر في عنق وليه، فينبغي أن يصونه ويؤدبه ويهذبه، ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء، ولا يعوده التنعم، ولا يحبب إليه أسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر . بل ينبغي أن يراقبه من أول عمره..... اهـ.

وإن كبروا وفات هذا العمر فينبغي مداراتهم ومحاولة التأثير عليهم من خلال الصحبة الطيبة والبدائل الحسنة من البرامج التي يمكن أن تنجذب إليها قلوبهم للآباء فيقبلون قولهم ويستجيبون لتوجيهاتهم، ولا تنسي كثرة الدعاء لهم بالهداية والصلاح.

قال تعالى في صفات الصالحين: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}، ومن الدعاء المستجاب دعاء الوالد لولده، روى ابن ماجة

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني