السؤال
في ظلّ هذا الظرف من إغلاق المساجد بسبب وباء كورونا، نجد بعض المؤذنين عند الأذان يقولون: "حي على الصلاة"، "حي على الفلاح"، ولا يقولون: "صلوا في بيوتكم".
1) هل هذا الأمر يتفق مع الشرع، أم إن ما يفعلونه محرم وخطأ من الناحية الشرعية؟
2) هل أذهب للصلاة، وألبّي النداء: "حي على الصلاة" الذي قيل في الأذان، أم أصلي في البيت؟
3) إذا قال: "حي على الصلاة"، "حي على الفلاح"، وكان المفروض أن يقول: "صلوا في بيوتكم"، فهل أقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ لأنه قال: "حي على الصلاة" في الأذان، أم ن ما فعله خطأ -قول: "حي على الصلاة"- ولا أردد بعده، ولا أقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، أم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام أن المساجد مغلقة، كما ذكرت، فيُشرع للمؤذن أن يقول في أذانه: "صلوا في بيوتكم"؛ لما جاءت به الأحاديث من أنها تقال عند وجود مشقةٍ في الذهاب إلى المسجد، ففي الصحيحين من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ. قَالَ: فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا!؟ قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ.
قال الحافظ في فتح الباري: الذي يظهر أنه لم يترك بقية الأذان، وإنما أبدل قوله حي على الصلاة بقوله صلوا في بيوتكم. اهـ.
وقال في موضع آخر منه: بوب عليه ابن خزيمة وتبعه ابن حبان ثم المحب الطبري : حذف حي على الصلاة في يوم المطر. وكأنه نظر إلى المعنى؛ لأن "حي على الصلاة" و "الصلاة في الرحال" و "صلوا في بيوتكم" يناقض ذلك. وعند الشافعية وجه أنه يقول ذلك بعد الأذان وآخر أنه يقوله بعد الحيعلتين. والذي يقتضيه الحديث ما تقدم. اهـ.
لكن جاء في حديث آخر أنها تقال في آخر الأذان بعد انتهائه، ففي صحيح مسلم عن نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ، فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ. اهــ.
قال النووي في شرحه: في حديث ابن عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنْ يَقُولَ: "أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ" فِي نَفْسِ الْأَذَانِ، وَفِي حديث ابن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ، وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأُمِّ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ، وَتَابَعَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ، فَيَجُوزُ بَعْدَ الْأَذَانِ، وَفِي أَثْنَائِهِ؛ لِثُبُوتِ السُّنَّةِ فِيهِمَا، لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُ أَحْسَنُ؛ لِيَبْقَى نَظْمُ الْأَذَانِ عَلَى وَضْعِهِ. اهـ.
قال ابن رجب في فتح الباري: يستحب أن يقول المؤذن إذا فرغ من أذانه: (ألا صلوا في رحالكم)، فإن قاله في أثناء الأذان بعد الحيعلة، فلا بأس. اهــ.
وإذا قال المؤذن: "حي على الصلاة، حي على الفلاح"، ولم يقل: "صلوا في بيوتكم"، فالمشروع أن يقال عند إجابته: "لا حول ولا قوة إلا بالله".
ومشروعية قول: "صلوا في بيوتكم" إنما هي على سبيل الاستحباب، كما في كلام ابن رجب، فإذا لم يقلها المؤذن، فلا إثم عليه.
ولا ندري ماذا تقصد بقولك: (هل أذهب للصلاة، وألبّي النداء ...) وأنت قد ذكرت أن المساجد مغلقة أصلًا.
والله أعلم.