السؤال
أعمل في محل تباع فيه لوازم الخياطة، واتفقت مع صاحب المحل على راتب أسبوعي، لكن البلد فيه مرض كورونا؛ فعطلت الدولة أسبوعًا، ابتداء من يوم الثلاثاء، وأنا أعمل من السبت إلى الخميس، فهل يجوز أن يخصم من راتبي الأيام التي لم تكمل، فالأسبوع بدأ السبت وانتهى الأربعاء، والخميس لم يكمل، لكن الاتفاق كان مع صاحب العمل على راتب أسبوع.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل في عقد الإجارة أنه عقد لازم طيلة مدة العقد، فلا يجوز لأحد الطرفين فسخه إلا لسبب يقتضي الفسخ؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم.
وقد اختلف الفقهاء في فسخ الإجارة للعذر، وخلاصة القول في ذلك: إنه إذا وجد مسوغ وعذر معتبر، فلا بأس بفسخ الإجارة حينئذ.
وما ذكرته من تعذر الدوام بسبب هذا الوباء، يعتبر عذرًا مبيحًا لفسخ ما بقي من مدة الإجارة بينكما، فتستحق أجرة الأيام التي عملت، وأما الأيام الباقية، فلا تستحق أجرتها، جاء في قرار رقم: (7) بالدورة الخامسة للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ما ملخصه: فقد عُرِض على مجلس المجمع الفقهي الإسلامي مشكلة ما قد يطرأ بعد إبرام عقود التعهد، ونحوها من العقود، ذات التنفيذ المتراخي، في مختلف الموضوعات، من تبدل مفاجئ في الظروف والأحوال ذات التأثير الكبير، ... ما يسمى اليوم في العرف التعاملي بالظروف الطارئة....
وقد نظر مجلس المجمع في النظائر الفقهية ذات الصلة بهذا الموضوع من فقه المذاهب، واستعرض قواعد الشريعة ذات العلاقة مما يستأنس به، ويمكن أن يوصى بالحكم القياسي، والاجتهاد الواجب فقهًا في هذا الشأن، كما رجع إلى آراء فقهاء المذاهب؛ فوجد ما يلي:
أن الإجارة يجوز للمستأجر فسخها بالطوارئ العامة، التي يتعذر فيها استيفاء المنفعة، كالحرب، والطوفان، ونحو ذلك، بل الحنفية- رحمهم الله- يسوّغون فسخ الإجارة أيضًا بالأعذار الخاصة بالمستأجر؛ مما يدل على أن جواز فسخها بالطوارئ العامة مقبول لديهم أيضًا بطريق الأولوية، فيمكن القول: إنه محل اتفاق. انتهى.
والله أعلم.