الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مساومة البائع المشتري الآخر بعد الاتفاق مع المشتري الأول

السؤال

عرضت هاتفًا للبيع على الإنترنت بمبلغ معين، واتصل بي شخص لشرائه، واتفق معي على مبلغ (أقل من المبلغ الذي أريده)، وكنت لا أريد بيعه بهذا المبلغ القليل، لكني وافقت؛ لأني كنت في حاجة لسرعة البيع، وقال لي: سأحضر غدا لأشتريه، واتصل بي قبل الموعد شخص آخر وعرض عليّ مبلغًا أكبر، فأرسلت للشخص الأول بأني عُرض عليّ مبلغ أكبر، وأني لن أبيعه له، وحضر الشخص الآخر واشتراه مني بمبلغ أكبر، ثم قرأت بعد ذلك فتوى بأن هذا يسمى سومًا، وهو محرم، فهل هذا سوم فعلًا، أم إنه لا يطلق عليه سوم؛ لأن المبلغ الذي عرضه الشخص الأول كان قليلًا، ولا يناسبني؟ ولم أكن أعلم أن هذا الفعل محرم عند البيع، وهذا الكلام حدث قبل أسبوعين تقريبًا من الآن، فهل هذا سوم أم لا؟ وإن كان سومًا -والعياذ بالله- ولم أكن أعلم، فماذا يجب عليّ فعله الآن؟ أنا خائف جدًّا، وأريد جوابكم -جزاكم الله خيرًا-، وأرجو عدم الإحالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسوم على السوم منهي عنه، إذا حصل اتفاق وتراض على البيع؛ ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا يَسُمِ الْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَتِهِ.

قال النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم: وأما السوم على سوم أخيه، فهو أن يكون قد اتفق مالك السلعة والراغب فيها على البيع، ولم يعقداه، فيقول الآخر للبائع: أنا أشتريه، وهذا حرام بعد استقرار الثمن. انتهى.

فالظاهر -والله أعلم- أنّه لم يكن لك مساومة المشتري الآخر بعد الاتفاق مع المشتري الأول، واستقرار الثمن، جاء في حاشية البجيرمي على شرح المنهج: وَالْمُرَادُ بِالسَّوْمِ مَا يَشْمَلُ الْإِسَامَةَ مِنْ صَاحِبِ السِّلْعَةِ ... وَالْإِسَامَةُ كَوْنُ الْمَالِكِ يُعْطِيهَا لَهُ لِيَسُومَهَا. انتهى.

لكن ما دمت فعلت ذلك غير عالم بالحكم، فلا إثم عليك -إن شاء الله-.

وأمّا البيع فصحيح عند أكثر أهل العلم. وراجع الفتوى: 376948، والفتوى: 192873.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني