السؤال
لو سمحتم أنا فتاة أبلغ 26 عاما، مخطوبة منذ عام من شخص على خلق، وتتوفر فيه كل الصفات التي أريدها، وحافظ لكتاب الله، ونحن -بفضل الله- نلتزم بضوابط الخطبة الشرعية؛ لأنني من أسرة ملتزمة -ولله الحمد-.
ولكن بعد إعداد تجهيزات الزفاف من شقة وأثاث، وقبل تحديد موعد الزفاف بفترة قصيرة جدًّا اكتشفت بالصدفة أنه كان يتعامل شذوذا مع الشباب، طبعا صُدمت، ولم أتوقع هذا منه؛ لأنه لم يظهر لنا أي شيء، وأنا لا أعرف هل تاب لله توبة نصوحا.
فما حكم الشرع في إتمام الزواج -إن كان قد تاب فعلا-؟ وكيف أعرف أنه تاب توبة خالصة، ولن يعود لفعل ذلك؟ وهل أواجهه بما عرفت؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الشاب على دين وخلق؛ فالأصل أن يُحمَل أمره على ظاهره من السلامة، ولا يساء به الظن، ويتهم بممارسة الشذوذ من غير بينة، خاصة وأنه من حفظة كتاب الله تعالى، فقد قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.
وإن ثبت أنه قد مارس هذا الفعل الشنيع، وتاب منه، فالتوبة تهدم ما كان قبلها، قال الله عز وجل: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:17}.
وفي الصحيحين في حديث الإفك الطويل عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه. فلا حرج حينئذ في قبوله زوجا.
وصدق التوبة يُعرف بحسن السيرة، واجتناب أفعال المعصية، فإن ظهر منه ذلك أُخِذ به، وقُبِل منه، واعتبري بحاله الذي هو عليه، فلا حاجة لمواجهته، ثبت في الصحيحين قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: معناه إني أمرت بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر. اهـ.
والله أعلم.