السؤال
يلازمني نزول الودي، لكنه ينقطع أحيانًا، ولا أعرف متى سينقطع، ومتى سيعود، فهل آخذ بحكم السلس؟ وإن كنت ممن لا يأخذ بهذا الحكم، فهل يجب عليّ التأكد من خروج شيء بعد كل صلاة، خصوصًا أني لا أشعر بخروجه حين يخرج؟ وإن كان هناك دليل على وجوب التحقّق إذا كان الوضوء قد انتقض أم لا، فأرجو أن تفيدوني به.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا شككت في خروج شيء منك، فلا يلزمك التفتيش بعد كل صلاة، ولا البحث، ولم يشرع لك ذلك؛ لأن هذا يفتح عليك باب الوسوسة، بل اعملي بالأصل، وهو أنه لم يخرج منك شيء.
ولو رأيت أثرًا بعد الصلاة، فيعتبر نازلًا بعدها، ولا يؤثّر في صحتها؛ لأن الحادث يقدر بأقرب الزمان، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن. انتهى.
وإذا تيقّنت خروج شيء منك أثناء الصلاة أو قبلها، فقد انتقض وضوؤك حينئذ، وإلا فالأصل بقاء الطهارة، قال النووي -رحمه الله-: وأما الودي فماء أبيض كدر ثخين، يشبه المني في الثخانة، ويخالفه في الكدورة، ولا رائحة له، ويخرج عقيب البول، إذا كانت الطبيعة مستمسكة، وعند حمل شيء ثقيل، ويخرج قطرة، أو قطرتين، ونحوهما. وأجمع العلماء أنه لا يجب الغسل بخروج المذي، والودي. انتهى.
واعلمي أن مجرد نزول ما ذكرت -سواء كان وديا أم غيره-، لا يعتبر سلسًا؛ حتى يستمرّ أكثر الوقت، وخاصة أوقات الصلاة.
فإن جاوز خروجه طور الاعتياد، ولازم أكثر الوقت، عومل معاملة السلس، فتتوضئين منه لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتضعين على المخرج ما يمنع انتشاره لو نزل بعد الاستنجاء منه، قال ابن قدامة في المغني: وجملته: أن المستحاضة، ومن به سلس البول أو المذي، أو الجريح الذي لا يرقأ دمه، وأشباههم ممن يستمر منه الحدث، ولا يمكنه حفظ طهارته؛ عليه الوضوء لكل صلاة بعد غسل المحل وشدّه، والتحرّز من خروج الحدث بما يمكنه. انتهى.
وأما إن كان يستمرّ فترة، ثم يتوقّف بحيث تستطيعين الطهارة والصلاة، ولا يلازم أكثر الوقت؛ فلا يأخذ حكم السلس، ولا مشقة في تعاهده.
ولو نزل أثناء الصلاة، بطلت؛ لانتقاض الوضوء به حينئذ، قال ابن قدامة في المغني في شأن المستحاضة، وفي معناها من به كل سلس: وإن كانت لها عادة بانقطاعه زمنًا يتسع للطهارة والصلاة، لم تصلِّ حال جريان الدم، وتنتظر إمساكه، إلا أن تخشى خروج الوقت، فتتوضأ وتصلي. انتهى.
والله أعلم.