السؤال
أولا: أريد أن أقول: جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للمسلمين.
سؤالي هو: أصبت بالأرق المزمن منذ نصف سنة تقريبا، وأحاول علاجه حاليا، ولكن بسببه أنام الساعة التاسعة أو الثامنة صباحا.
وأنا أدرس البكالوريوس حاليا، فأضبط المنبه على الساعة الواحدة والنصف، وأقول لنفسي: هذا ما بين حاجتي الدينية -صلاة الظهر- وحاجتي البدنية من النوم؛ لأستطيع التركيز في دراستي وطاعتي، ولكن لا أعلم إذا كان ما أفعله صحيحا؟
ليس لدي علم بأقوال العلماء حول تأخير الصلاة عمدا. وأيضا أحيانا أستيقظ وأكتم المنبه، وأحاول النهوض، ولكن أعود للنوم بدون أن أشعر.
أرجو التفصيل في أقوال العلماء بهذا الخصوص.
وجزاكم الله خيرا، وعافاكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتأخير الصلاة إما أن يكون بحيث تصليها في وقتها المختار، فتؤخرها عن أوله أو وسطه إلى آخره. وهذا لا حرج فيه، ولا سيما لحاجة التعب.
وإما أن يكون التأخير إلى خروج وقتها المختار، فتضبط المنبه على وقت يكون فيه وقت الصلاة المختار قد انتهى. وهذا تعمده غير مشروع. كما صرح به الفقهاء.
قال الخرشي -المالكي- في شرح مختصر خليل: مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا، أَوْ شَيْئًا مِنْهَا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِي بَيَانُهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ آثِمًا. اهــ.
وقال المرداوي -الحنبلي- في الإنصاف: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ -وَلَا بَعْضِهَا- إلَى وَقْتِ ضَرُورَةٍ، مَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اهــ.
وفي أسنى المطالب لزكريا الأنصاري -الشافعي-: وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهَا أَيْ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ، يَأْثَمُ؛ لِحُرْمَتِهِ. اهـ.
ولمعرفة أول الوقت لصلاة الظهر وآخره، نحيلك إلى الفتوى: 164327
وأما إغلاق المنبه الذي تضعه لوقت الصلاة دون شعور منك، بل بسبب ثقل النوم، فيرجى ألا يكون عليك فيه حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس في النوم تفريط. رواه الترمذي والنسائي وأبو داود. ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ... إلى آخر الحديث، وهو في سنن النسائي وغيرها.
ولكن ينبغي ألاّ تضع المنبه قريباً منك، أوفي متناول يدك؛ لئلا تغلقه، وأنت لم تستكمل انتباهك من النوم. فإذا وضعته بعيداً فلا يمكن أن تغلقه إلا إذا قمت إليه، وهنا يحصل المقصود وهو الاستيقاظ الكامل.
ونسأل الله لك الشفاء والعافية، وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات بموقعنا للفائدة.
ثم اعلم أن الصلاة فيها راحة وطمأنينة للنفس والقلب، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: أرحنا بها يا بلال.
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدق بنا المصائب، وتدلهم بنا الخطوب والأحزان أن نفزع إلى الصلاة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلا". رواه أحمد وأبو داود، حزَبه أي: أهمه.
وقد أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة، فكيف يتركها بعض الناس، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة:153}.
وأما ما يصيبك من الأرق، فابتغ الأسباب المشروعة لعلاجه ومنها: كثرة الذكر والدعاء، والابتهال لله -تعالى- مجتهدا في طاعته، عالما أن طاعته -سبحانه- أعظم أسباب التوفيق ونيل سعادة الدنيا والآخرة.
والله أعلم.