الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج المرأة من المتزوِّج هل ينفي الإيمان عنها لأنها لم تحب لأختها ما تحبه لنفسها؟

السؤال

ما معنى: "لا يؤمن"، في حديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه، ما يحبه لنفسه"؟ وهل معنى "لا يؤمن": يكفر، أي: أنه خرج من الملة؟ فلو أحب الشخص شيئًا لنفسه، وكرهه لغيره، -أي: كره الخير لغيره-، فهل يعتبر وفقًا للحديث غير مؤمن، وواقع في كفر مخرج من الملة، أم إنه وقع فقط في معصية وذنب، لكنه ما زال مسلمًا؟ فلو أن أرملة أحبت رجلًا متزوجًا، وهو أحبّها جدا وأراد أن يتزوجها، ووافقت على الزواج منه؛ وبذلك ستكون زوجة ثانية، فهل الزوجة الثانية بهذا غير مؤمنة؛ لأنها أثّرت على نفسية زوجته الأولى، أو أثّرت على حياة الزوجة الأولى، ويمكن أن يؤدّي زواجها هذا إلى خراب بيت الزوجة الأولى؟
أنا أرملة، وموسوسة جدًّا، أحب رجلًا متزوجًا، ولديه أطفال، وهو يحبّني جدًّا، وأريده زوجًا لي، وهو كذلك، فلو رفضت زوجته، وطلبت الطلاق، فهل أكون بذلك لم أحب لها ما أحبه لنفسي، ووقعت في إثم؟
وقد قرأت الفتوى: 302449 فخفت أن أخرب بيت الأولى، لكنه يقول لي: إنه يحبّني بجنون، وأنا أحبّه، وأريد الزواج منه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس المقصود بالحديث المذكور أنّ من لم يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه؛ يكون كافرًا -والعياذ بالله-، ولكن المقصود -والله أعلم- أنّه لا يكون تامّ الإيمان بالغًا فيه الدرجة العالية، فقد جاء في شرح المشكاة للطيبي: قالوا: لا يؤمن الإيمان التام، وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة.

والمراد: يحب لأخيه من الطاعات، والمباحات، يدلّ عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث: (حتى يحب لأخيه من الخير)؛ إذ معناه: لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه. والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها، وذلك سهل على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل. انتهى.

وزواج المرأة من رجل متزوج؛ لا إثم فيه، وليس ظلمًا لزوجته الأخرى، وراجعي الفتوى: 133540.

وننبهك إلى أنّ ما يحصل بين النساء والرجال الأجانب من علاقات يسمونها: حبًّا؛ فهي باب شر، وفساد، وما يحصل من تبادل كلام الحب، والغزل، ونحوه؛ فهو محرم، غير جائز، بل نص بعض الفقهاء على المنع من مكالمة الأجنبية دون حاجة، ولو لم يكن فيه غزل، قال الخادمي -رحمه الله- في كتابه: بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة. انتهى.

ومن وقع في قلبه حبّ امرأة أجنبية؛ فليس له أن يبادلها الكلام، أو المراسلة، ولكن الطريق المشروع هو التقدّم لأهلها لطلبها للزواج.

فإن لم يتيسر لهما الزواج؛ فعليهما أن ينصرفا عن هذا التعلّق، ويسعى كل منهما ليعفّ نفسه بالزواج، ويشغل وقته بما ينفعه في آخرته، ودنياه.

فاتقي الله، وقفي عند حدوده، واقطعي علاقتك بهذا الرجل.

وإذا تقدّم للزواج منك، وكان مَرْضِيّ الدِّين والخُلُق؛ فتشاوري مع العقلاء من الأهل، واستخيري الله في قبوله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني