الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتمان البنت طلاق أمّها لتوريثها

السؤال

حصلت مشادة بين أمّي وأبي، وخلالها توعد أمّي أن يطلّقها، ولكنه لم يثبت الطلاق ورقيًّا؛ حتى لا تأخذ حقوقها، وأشهر عند بعض أقاربي وقوع هذا الطلاق، وكنت حاضرة المشادة، وعند سؤالي عن الواقعة -من باب أنه شأن داخلي- أنكرت، وأبي لم يراجعني، ومرّت سنوات، وأبي لم يثبت أو ينفي، ولا ينفق عليها.
مرض أبي، وتوفي، فهل لي أن أنكر؛ حتى تأخذ حقّها من الميراث عوضًا عن النفقة؟ وهل عليّ ذنب؟ مع العلم أنه له زوجة وولدان وأنا، وأبي تركنا لا ينفق رسميًّا علينا، ولا يتكفّل بأيّ شيء رسمي منذ ست سنوات، وأبي الكبير هو من تكفّل بي أنا وأمّي، فهل أنكر، ولا تأخذ شيئًا، أم أشهد بعدم وقوعه، والميراث عوض عن النفقة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداءً: لا يمكننا أن نفتي بوقوع الطلاق من عدمه؛ لأنكِ لم تذكري لنا اللفظ الذي ذكره الوالد؛ حتى نعلم هل هو وعد بالطلاق، أم إيقاع للطلاق؟

وأما هل تأثمين لو كتمتِ ما سمعتِه من والدك من أجل توريث أمّك؛ فهذا ينبني على الحكم بوقوع الطلاق أم لا:

فإن ثبت وقوعه شرعًا، وبانت منه؛ فإنها لا ترث، ولا يجوز لك التحايل لتوريثها حينئذ.

وإن ثبت أن الطلاق لم يقع شرعًا؛ فإنها ترث، مع التنبيه إلى أن الأصل بقاء النكاح، وأنها ترث، ولا يحكم بوقوع الطلاق بالشك، والظن.

وأما قولك: "وأشهر عند بعض أقاربي وقوع هذا الطلاق":

فإن كنت تعنين أن طلاقه لها اشتهر عند بعض الأقارب؛ فهذا لا يفيد شيئًا، إلا إن شهد على طلاقه لها شهود.

وإن كنت تعنين أنه نفسه أشهدهم على أنه طلّقها؛ فليشهدوا بهذا عند المحكمة.

والفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.

وأما المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوّره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا؛ ولذا نوصيك برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية؛ لتنظر في إيقاع الطلاق من عدمه، وما يترتب عليه من توريث أمّك، أو عدم توريثها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني