الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

منح البنت عطية في صورة بيع وشراء خوفًا من ظلم أخيها وأمّها

السؤال

أنا طالبة جامعية في المرحلة الأولى، ولديّ أخ وأخت، وأختي هي أكبرنا، وهي متزوجة، وأخي أكبر مني، وقد تخرّج، ولم يتزوّج بعد، وأمّي تمتلك متجرًا في مكان جيد، ولسوء إدارتها هي وأخي قلّت الأرباح جدًّا، مع العلم أن المبيعات جيدة جدًّا، وتميّز أمّي كثيرًا في المعاملة بيني وبين أخي، ولا أعلم سبب ذلك التمييز؟!
كما أنها كانت تميّز أيضًا بين أختي وأخي، وتفضّل أخي، فإذا طلبتُ منها شيئًا فلا تعطيني إياه، على عكس أخي؛ لذلك فأغلب ما أنفقه -من مصاريف الدراسة من كتب، وغيرها، وملابس- يكون من معاش والدي، وقد لا يكفي أحيانًا.
وفي المعاملة اليومية العادية تعاملي بطريقة سيئة، على عكس أخي الذي تعامله بلطف.
وإذا تشاجرت أمّي مع أخي، فبعد فترة قصيرة جدًّا -ساعة مثلًا- تبدأ هي بمصالحته، حتى وإن كان هو على خطأ، ومهما فعل، حتى إذا ضربها، ودائمًا تقول له: هذا متجرك وأموالك، كله لك، لكن ذلك لا يوجد في مستند رسميّ، مع العلم أن أمّي بسبب سوء إدارة المتجر، تطلب مني أن أعطيها مبلغًا من معاش والدي؛ لكي تدخله في مال المتجر، ولكني أرفض، كما أنها تعامل أبي بسوء، حتى وهو مريض، وقبل سنة أصيب أبي بشلل في نصف من الجسم.
وهو الآن يخاف عليّ من ظلم أمّي لي إذا توفي؛ فهو يريد أن يخصّص بيته لي -بيعًا وشراء- بشكل رسميّ دون معرفة أمّي، أو أحد إخوتي؛ تأمينًا لمستقبلي، ودراستي، فما حكم ذلك؟ أريد جوابًا شافيًا -جزاكم الله خيرًا- لأني أشعر بضيق شديد جدًّا من الموضوع، فلا أريد مشاكل مع أحد، ولا أريد أن أظلمهم، وفي نفس الوقت أخاف على مستقبلي من ظلم أمّي وأخي، وهذا الموضوع مؤرّق، ومقلق جدًّا بالنسبة لي. جزاكم الله خيرًا، ورفع قدركم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت عن أمّك أنها تميز بينك وبين أخيك، فإذا كان الأمر كذلك؛ فوصيتنا لك أن تجتهدي في البحث عن السبب الذي يحملها على ذلك؛ فالغالب في الأمّ شفقتها على أولادها، وخاصة الإناث منهم، فقد يكون السبب فعلًا أو قولًا منك أساءت فهمه، أو غير ذلك من الأسباب التي تستدعي معالجة كل واحد منها بما يناسبه.

وإن كانت تميّزه بشيء من العطايا المالية، فإن كان ذلك لمسوّغ شرعي؛ فلا حرج في ذلك، وقد سبق بيان مسوّغات التفضيل في الفتوى: 154523.

وإن كان التمييز لغير مسوّغ شرعيّ؛ فلا يجوز لها ذلك؛ لأن الأصل وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى: 5348.

وإن كانت تسيء إلى أبيك، فالواجب نصحها، وليكن ذلك بالرفق، والحسنى، وفي حدود الآداب الشرعية. ويمكن الاستفادة من التوجيهات المبينة في الفتوى: 134356، والفتوى: 448687، والفتوى: 41491.

وما دام أبوك عاقلًا رشيدًا، فهو الذي يملك التصرّف في ماله، ولا يجوز لك إعطاء أمّك ما تطلب من ماله بغير رضاه، روى أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلّ مال امرئ إلا بطيب نفس منه.

وما ذكرت عن أبيك أنه يريد أن يخصص لك هذا البيت بيعًا وشراء؛ لم نفهم ما تعنين به.

فإن كان المقصود بذلك منحك إياه عطية في صورة بيع وشراء؛ فلا يجوز له تفضيلك بذلك، كما سبق من وجوب العدل بين الأولاد في العطية.

والبيع والشراء صوريًّا، لا اعتبار له، ولا يُغيّر من حقيقة كون الأمر عطية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني