الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام التداول بالهامش، والعقود الآجلة

السؤال

ما حكم من استثمر مالا حلالا مع شركة أجنبية؛ ليحصل على رأس مال أكبر، حيث إن الشركة تقوم على أساس التداول بالهامش، والعقود الآجلة عن طريق الذكاء الاصطناعي.
مع العلم أن هذه المعاملات غير مشرعة في الإسلام، ومن ثم استخدم المال المكتسب من هذه الشركة في التداول والمضاربة المشروعة.
بصيغة أخرى الانتفاع بالمال غير المشروع لكسب ربح مشروع، ومن ثم استخدام الربح الأخير الذي حصل عليه من التداول المباح، في ربح المزيد من خلال الاستمرار في التداول المباح، بعد التخلص من المال غير المشروع.
ما حكم المال المكتسب من التداول الحلال في هذه الحالة؟ هل يجوز؟
وان كان يجوز ما هي طرق التخلص من المال غير المشروع؟ هل يمكن أن يتصدق بالمال لأصحابه وأقاربه، أو أن يشارك بمبلغ من المال غير المشروع في زواج صديقه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز التداول بالهامش؛ لكونه يعتبر قرضا ربويا محرما. كما أن التداول في العقود الآجلة تكتنفه جملة من المحاذير الشرعية.

وفق ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، حول سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة). ومما تضمنه:

أن العقود الآجلة التي تجري في هذه السوق ليست في معظمها بيعاً حقيقياً، ولا شراءً حقيقياً؛ لأنه لا يجري فيها التقابض بين طرفي العقد فيما يشترط له التقابض في العوضين، أو في أحدهما شرعاً.

ثانياً: أن البائع فيها غالباً يبيع ما لا يملك من عملات وأسهم، أو سندات قروض أو بضائع، على أمل شرائه من السوق وتسليمه في الموعد، دون أن يقبض الثمن عند العقد، كما هو المشروط في السَلمَ.

ثالثاً: أن المشتري فيها غالباً يبيع ما اشتراه لآخر قبل قبضه، والآخر يبيعه أيضاً لآخر قبل قبضه، وهكذا يتكرر البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه إلى أن تنتهي الصفقة إلى المشتري الأخير، الذي قد يريد أن يتسلم المبيع من البائع الأول، الذي يكون قد باع ما لا يملك، أو أن يحاسبه على فرق السعر في موعد التنفيذ، وهو يوم التصفية، بينما يقتصر دور المشترين والبائعين -غير الأول والأخير- على قبض فرق السعر في حالة الربح، أو دفعه في حالة الخسارة، في الموعد المذكور، كما يجري بين المقامرين تماماً.

رابعاً: ما يقوم به المتمولون من احتكار الأسهم والسندات والبضائع في السوق؛ للتحكم في البائعين الذين باعوا ما لا يملكون، على أمل الشراء قبل موعد تنفيذ العقد بسعر أقل، والتسليم في حينه، وإيقاعهم في الحرج. انتهى محل الاستشهاد منه.

وعليه؛ فلا يجوز لك الإقدام على ذلك ولو بنية التحول إلى الاستثمار المباح عند كسب أرباح من التعامل بالهامش والمضاربة في العقود الآجلة. فالمال الحرام يعتبر كسبا خبيثا، يجب على حائزه التخلص منه بدفعه للفقراء والمساكين، أو في المصالح العامة للمسلمين، وليس له أن ينتفع به في خاصة نفسه في تجارة أو غيرها، إلا إذا كان فقيرا محتاجا، فله أن يأخذ منه بقدر حاجته فقط.

قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير، بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله إن كان فقيراً؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.
وللمزيد حول أحكام التصرف في المال الحرام المكتسب، والربح الناشىء عنه. انظر الفتوى: 416038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني