الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب مغترب في مقتبل العمر، عمري 33 سنة، كنت متزوجًا، ورزقت بمولودة، عندها ثلاث سنوات، طليقتي كانت زوجة ناشزًا بكل المقاييس، لا ترتدي الحجاب، مع العلم أنني حاولت معها لتسع سنوات، ولا تصلي إلا في رمضان، تثور في وجهي كل مرة إن حاولت مناقشتها.
الآن -والحمد لله- قررت الرجوع إلى بلدي المسلم، ولكنها أبت إلا أن تكون شوكة في حلقي، وأن تحول بيني وبين ابنتي. حيث إنها تحثني على البقاء إن أردت ابنتي، وتصفني بالإهمال إن أردت العودة إلى بلدي. مع العلم أنني أسدد نفقتي لها بانتظام. أعيش ضغطًا نفسيًّا رهيبًا. أسأل الله الثبات. فهل يجب عليَّ الامتثال لرغبتها، والعيش في بلد غربتنا لكي أكون قريبا من ابنتي؟ أم لست مجبرا على ذلك شرعًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنود أن ننبه أولا إلى أنه لا يمكننا أن نعطيك جوابا محددا فيما يخص حقك في السفر بابنتك، ولا حق أمها في الامتناع من سفرك بها؛ لأن الحكم بأيٍّ من ذلك يقتضي معرفة أهلية طالب حضانة الطفلة منكما، ومن ثم الأصلح للبنت منكما، وهذا لا يمكننا.

وما يمكننا قوله هنا على وجه العموم ما يلي:

أولا: ليس من حق زوجتك أن تحول بين وبين ابنتك، فإنها -وإن كانت الحضانة حقًّا لها- فمن حقك رعاية ابنتك، وتعاهدها، ورؤيتها، ونحو ذلك. وراجع الفتوى: 97068، والفتوى: 95544.

ثانيا: لا يلزمك شرعا الامتثال لرغبة زوجتك، والعيش في البلد الذي تقيم فيه هي وابنتك، بل لك السفر والإقامة حيث شئت.

ثالثا: لا تعتبر مهملا لابنتك بمجرد عودتك لبلدك إن كنت قائما بما يجب عليك تجاهها من النفقة، والرعاية، ونحوهما.

رابعا: الحضانة بعد انفصال الزوجين حق للأم إن كان الزوجان في بلد واحد، فإن رغب أحدهما في السفر سفر نقلة، فالحضانة حق للأب في قول بعض أهل العلم، والمسألة محل خلاف، كما سبق بيانه في الفتوى: 76166.

وننبه إلى أن من أعظم أسباب فشل الحياة الزوجية عدم إحسان الاختيار عند الرغبة في الزواج، وعدم مراعاة ما أرشد إليه الشرع من أمر الدين، والخلق في حق الزوج، أو في حق الزوجة، كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: تنكح المرأة لأربع؛ لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك. وفي سنن الترمذي عن أبي حاتم المزني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه؛ فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد. قالوا يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه؛ فأنكحوه. ثلاث مرات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني