الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تسقط الصلاة عن المسلم البالغ العاقل على أية حال

السؤال

أنا شاب عمري: 15سنة، ولدت في عائلة غير مسلمة -والحمد لله- أسلمت، ولكنني أعيش في منطقة لا يوجد فيها مسلمون ولا مساجد، ولا أقدر على قضاء الفرائض، ومنها الصلاة، فهل هذا عذر شرعي لترك الصلاة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله الذي هداك لدين الإسلام، وهذه نعمة عظيمة لا تماثلها نعمة، ونسأل الله أن يرزقك الثبات على هذا الدين الحق، وأن يوفقك للاستقامة على أوامره، واجتناب نواهيه.

أما الصلاة: فلها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما ينظر فيه من أعمال المسلم، فمن حافظ عليها فاز ونجا، ومن ضيعها خاب وخسر، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها، أو يضيعها، حيث قال تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}. وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}.

فالصلاة هي عمود الدين، ولا تسقط عن المكلف بحال ما دام عقله معه، ولا يجوز لمسلم التهاون في شأنها، ولا إضاعتها، فواظب على صلاتك بشروطها، وأركانها، ولا يجوز لك تركها بحجة عدم وجود مسجد، أو أحد يصلّي معك، واصبر على ما تجده في نفسك من عزلة في هذا الأمر، فأنت مأجور -إن شاء الله- على ذلك، وننصحك بالتواصل مع أقرب مركز إسلامي إليك، أو أقرب مسجد فيه جماعة يمكن أن يفيدوك في التفقه في أمور دينك، واصبر على عائلتك، وعاملهم برفق، وادعهم إلى الإسلام بحكمة، ثم إن الصلاة لا تجب عليك إلا إذا كنت بالغًا، وقد ذكرنا علامات البلوغ مفصلة، وذلك في الفتويين: 18947، 10024.

فإذا كنت تركت بعض الصلوات المفروضة بعد بلوغك جاهلا بوجوبها، فيجب عليك القضاء عند الجمهور، وقال بعض أهل العلم: لا قضاء عليك.

جاء كتاب في كشاف القناع من كتب الحنابلة: والصلوات الخمس فرض عين، بالكتاب، لقوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا {النساء: 103} على كل مسلم مكلف، قال في المبدع: بغير خلاف، ولو لم يبلغه الشرع؛ أي: ما شرعه الله من الأحكام، كمن أسلم في دار حرب، ونحوه: كمن نشأ برأس جبل ولم يسمع بالصلاة، فيقضيها إذا دخل دار الإسلام، وتعلّم حكمها؛ لعموم الأدلة، وقيل: لا، ذكره القاضي، واختاره الشيخ تقي الدين، بناء على أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم، وأجرى الشيخ تقي الدين ذلك في كل من ترك واجبا قبل بلوغ الشرع، مِن تيمم وزكاة ونحوهما. انتهى.

وعن كيفية قضاء الفوائت انظر الفتويين: 61320، 58935.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني