الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب تذكير الناسي بما وجب عليه؟

السؤال

هل يجب تذكير الشخص أنّ عليه كفارة يمين، أو عليه فعل شيء ما؛ لأنّه أقسم عليه، إذا كان ناسيًا؟
وهل يختلف الأمر إذا كان الشخص صاحب دين أو لا؟ أو إذا كان الشخص كثير الأقسام أو لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه يشرع تذكير الناسي ليمينه؛ ليَفي بها، أو يؤدي ما يجب من كفارة اليمين، ولا يبعد القول بوجوب تذكيره؛ لأنه من باب النصيحة والأمر بالمعروف.

ففي الحديث عن تميم الداري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين ‌النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. أخرجه مسلم.

وقد ذكر العلماء جملة فروع، واختلفوا هل يجب إعلام الناسي فيها أم لا يجب.

جاء في الإنصاف للمرداوي: لو أراد من وجب عليه الصوم أن يأكل، أو يشرب في رمضان، ناسيا أو جاهلا، فهل يجب إعلامه على من رآه؟ فيه وجهان. وأطلقهما في «الفروع»، و «الرعاية الكبرى» أحدهما: يلزمه الإعلام. قلت: وهو الصواب، وهو في الجاهل آكد؛ لفطره به على المنصوص.

والوجه الثاني: لا يلزمه إعلامه.

ووجه في «الفروع» وجها ثالثا، بوجوب إعلام الجاهل، لا الناسي ..

إلى أن قال: قلت: ولهذه المسألة نظائر.

منها: لو علم نجاسة ماء، فأراد جاهل به استعماله، هل يلزمه إعلامه؟ قدمه في «الرعاية»، أو لا؟ أو يلزمه إن قيل إزالتها شرط؟ أقوال.

ومنها: لو دخل وقت صلاة على نائم، هل يجب إعلامه، أو لا؟ أو يجب إن ضاق الوقت؟ جزم به في «التمهيد». وهو الصواب. أقوال؛ لأن النائم كالناسي.

ومنها: لو أصابه ماء ميزاب، هل يلزم الجواب للمسؤول، أو لا؟ أو يلزم إن كان نجسا؟ اختاره الأزجي، وهو الصواب. أقوال.

وسبق أيضا، أنه يجب على المأموم تنبيه الإمام فيما يبطل؛ لئلا يكون مفسدا لصلاته مع قدرته. اهـ.

ولا فرق بين كثير الأيمان وغيره.

وكذلك صاحب الديون لا فرق بينه وبين غيره، فإنه إن لم يجب عليه التكفير بالإطعام والكسوة، فإنه يكفر بالصيام. وانظر الفتوى: 374038.

مع التنبيه إلى أن من أقسم على فعل شيء، فلا يجب عليه الوفاء بيمينه، إلا إذا كانت على فعل واجب، أو ترك محرم.

جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني: فمن حلف على فعل مكروه، أو حلف على ترك مندوب، سن حنثه، وكره بره، لما يترتب على بره من ترك المندوب قادرا.

ومن حلف على فعل مندوب، أو ترك مكروه، كره حنثه، وسن بره، لما يترتب على بره من الثواب بفعل المندوب، وترك المكروه امتثالا.

ومن حلف على فعل واجب، أو على ترك محرم، حرم حنثه، لما فيه من ترك الواجب، أو فعل المحرم. ووجب بره، لما مر.

ومن حلف على فعل محرم، أو ترك واجب، وجب حنثه، لئلا يأثم بفعل المحرم، أو ترك الواجب، وحرم بره، لما سبق.

ويخير من حلف في مباح ليفعلنه، أو لا يفعله، بين حنثه وبره، وحفظها فيه أولى من حنثه؛ لقوله تعالى: واحفظوا أيمانكم {المائدة: 89}. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني