الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطع قراءة القرآن لِرَدِّ السلام

السؤال

عندما أكون في المسجد أقرأ القرآن، يدخل بعض الناس، فأضطر إلى رد السلام عليهم، وأتوقف عن القراءة.
فهل يجوز عدم الرد عليهم؟ لأن هذا الوضع لن ينتهي، كل واحد يدخل يقول: السلام عليكم، وأتوقف عن القراءة. وهل يجب الترديد وراء المؤذن في الإقامة؟
عندما أصلي لا أحس بخشوع، وأحس أن صلاتي ليست مقبولة، وكذلك عندما أقرأ القرآن، لا أحس بخشوع. هل هناك علاج لهذا مع العلم أني حافظ للقرآن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجب ردّ السلام، إذا سلّم عليك شخص، وأنت تقرأ القرآن بناء على القول المرجّح عندنا.

قال الخرشي المالكي في شرحه على مختصر خليل المالكي: وأما قاضي الحاجة، فلا يطلب منه الرد، ولو بعد الفراغ، كما هو ظاهر كلامهم. وأما قارئ القرآن، فهل هو كذلك، وهو ما عليه صاحب المدخل، أو يسن السلام عليه، ويجب الرد عليه، وهو المعتمد، كما يفيده كلام الونشريسي. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وأما المشتغل بقراءة القرآن، فقال الواحدي: الأولى ترك السلام عليه، فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظا استأنف الاستعاذة، وقرأ.

قال النووي: وفيه نظر، والظاهر أنه يشرع السلام عليه، ويجب عليه الرد. اهـ.

وقد سبق ترجيح القول بوجوب ردّ السلام هنا، وذلك في الفتوى: 22874

كما يشرع لك قطع القراءة؛ لحكاية الأذان، كما سبق في الفتوى: 27123

وكذلك قطع القراءة -أيضا-؛ لأجل حكاية الإقامة، فإنها أذان، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بين كل أذانين صلاة، ثلاثا لمن شاء. متفق عليه.

قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: وأما قوله: (بين كل أذانين صلاة)، فإنه يريد بين الأذان، والإقامة. اهـ.

وبخصوص الخشوع في الصلاة، فإنه من الأهمية بمكان، ومن أسباب تحصيل الخشوع، والتركيز، العلم بأنه لب الصلاة، وروحها، وأن الخشوع من أكبر موجبات الفلاح للعبد في الدنيا والآخرة، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون:1-2}.

كما يتحققُ الخشوع بإقبال العبد على صلاته، وإعراضه عن الدنيا، والفكر فيها، وأن يحرص على أداء الصلاة بهيئتها الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع الحرص على تدبر الأذكار، والتفكر في معاني الآيات، وعلى المسلمِ أن يحرص على أن يبتعد أثناء صلاته عما يشتت خاطره من صور، وزخارف، وصخب، ولغط، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 124712، 138547، 141043.

وبالرغم من أهمية الخشوع، فإنه ليس بشرط في صحة الصلاة عند جمهور العلماء، كما تقدم في ذلك الفتوى: 23481.

وأما شعورك بعدم قبول صلاتك، فهو من وسوسة الشيطان، ومما يدفعه عنك إحسان الظن بالله، والعلم بأنه -تعالى- لا يضيع أجر المحسنين، فأحسن ظنك بربك -تعالى-، وأقبل عليه، ولا تقنط من رحمته، واجتهد في عبادته، وسله قبول أعمالك الصالحة؛ فإنه -سبحانه- ذو الفضل العظيم.

وعن أسباب عدم التأثر بقراءة آيات الله، وسبل استجلاب الخشوع عند التلاوة راجع الفتوى: 248998

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني