الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتابة الزوج إقرارا لزوجته بأنها تكون طالقا طلقة بائنة إذا تزوج عليها أو خانها

السؤال

كتبت إقرارا لزوجتي بعدم الخيانة قولا أو فعلا، وعدم الزواج بأخرى. وإلا سوف تكون طالقا طلقة بائنة لا رجعة فيها.
والخيانة مفهوم عام، ويمكن أن تقع بنظرة، وعليه؛ فإن الطلاق يقع.
وأيضا إذا أردت الزواج بأخرى هل بذلك تكون طالقا، ولا أستطيع أن أردها مرة أخرى؟
توجد على ذمتي زوجة ثانية. فكيف أحل نفسي من هذا الإقرار؟
وتقبلوا وافر التحية والاحترام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت لم تتلفظ بتعليق الطلاق، ولكن كتبته، ولم تنو به إيقاع الطلاق عند حصول المعلَّق عليه؛ فلا يقع الطلاق بزواجك من أخرى، أو حصول الخيانة؛ لأنّ كتابة تعليق الطلاق؛ كناية؛ فلا يقع الطلاق بها من غير نية إيقاعه. وانظر الفتوى: 150107

أمّا إذا كنت تلفظت بهذه العبارة أو كتبتها بنية إيقاع الطلاق؛ فجماهير أهل العلم يرون أن الزوج لا يملك التراجع عن تعليق الطلاق، وهو المفتى به عندنا، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وانظر الفتوى: 161221

وعليه؛ فإذا تزوجت على امرأتك، أو فعلت الخيانة المذكورة؛ وقع طلاقها.

والمعتبر في تحديد الخيانة؛ هو نيتك وقصدك.

قال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى: ولو علقه أي: الطلاق بأن قال: أنت طالق إن ذهبت الهند ونحوه؛ فتطلق لوجود الصفة...وله التمادي إلى قبيل الموت؛ لأنه ليس في يمينه ما يدل على الفورية، ولو نوى بقوله السابق أنت طالق في وقت كذا، أو نوى إن ذهبت إلى مكان كذا، أو إن كنت على صفة كذا تخصص به؛ فلا يقع المعلق أولا؛ لعدم وجود شرطه، ولا الثاني حتى يجيء وقته؛ لأن تخصيص اللفظ العام بالنية سائغ. انتهى.

وقد اختلف أهل العلم فيمن قال لزوجته: أنت طالق طلقة بائنة؛ فمنهم من أوقعها بائنة، ومنهم من أوقعها رجعية.

وهذه بعض أقوال أهل العلم في هذه المسألة:

قال بهرام -رحمه الله- في الشامل في فقه الإمام مالك: أو قال: أنت ‌طالق ‌طلقة ‌بائنة. فواحدة بائنة على الأصح. انتهى.

وقال الزنجاني -رحمه الله- في تخريج الفروع على الأصول:...إِذا قَالَ لزوجته الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق طَلْقَة بائنه لَا رَجْعَة لي فِيهَا؛ وَقعت رَجْعِيَّة عندنَا [الشافعية].

وَعِنْدهم [الحنفية] تقع بَائِنَة. انتهى.

وقال مجد الدين ابن تيمية -رحمه الله- في المحرر: ولو قال أنت طالق بائنة وقعت رجعية، وعنه بائنة. انتهى.

وقال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: وقدم في «الرعايتين»، أنه إذا قال: أنت طالق طلقة بائنة. أنها تقع بائنة، ثم قال: وعنه، رجعية. انتهى.

والراجح عندنا وقوعها طلقة رجعية. وعليه؛ فإذا وقع الطلاق ولم يكن مكملا للثلاث؛ فلك مراجعة زوجتك في عدتها دون حاجة إلى عقد جديد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني